للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكان أصل الأسماء ان تجيء غير محذوفات وانما يستدل على حذفها بالاشتقاق والتصغير والجمع والعلل الجارية عليها في أنحاء العربية فكأن قائلا في الأصل قيل له ما فرس أو ما رجلٌ فقال اسم فوقع للسامع أن الهمزة من الأصل لأنه سمع جرسا على مثل إذن وابط وادل والإدل اللبن الحامض فقال السامع هذه همزة أصلية فيجب ان يكون اشتقاقها من اسم ياسم فرجع إلى أصل الكلام وما روت الثقات منه فلم يجد فيه ذلك فقال يجب إذ فقدت هذه اللفظة ان يجعل اسم من وسم يسم كأنه وسم كأنه وسم ثم قلبت الواو همزة كما قالوا ولدة وإلدة ووطاء وإطاء فاستقر في نفسه ذلك ثم سمع الفصحاء تقول سمعت اسمك وهذا اسم زيد ويستمر على ذلك ولا يجريه لمجرى اذن وأزل وهو الكذب لأنها لو أجرته مجرى ذلك لنطقت بالهمزة في ادراج الكلام فقال السامع يجب ان يكون هذا لما كثر آثروا فيه الخفة ثم سمعهم يقولون في التصغير هذا سميك وسمي أخيك فانتقض عليه ما اعتقد لأن الامر لو كان كل توهم لوجب أن يقولوا أسم كما يقولون في اشاح اشيح فيثبتون الهمزة وزاده ريبا فيما فان ضن جمعهم اياه على أسماء فعلم أن ما ذهب إليه باطل ونظر فإذا العائد في التصغير لايخلو من أن يكون واوا أو ياء وان لالسين سكنت في أول النطق فنطقوا بالهمزة قبلها ليكون وصلة إليها واسقطوا عند الغناء واعتبر كلام العرب فرآهم يقولون سموت سموا وإذا أرادوا أن يخبروا أنهم جعلوا للرجل اسما قالوا سميته ورآهم لم يستعملوا السمى فحكم على أن الذاهب من اسم واو وانهم وضعوا هذه الكلمة وهم يريدون بها ظهور أمر الإنسان وعلوه وان يعرفوا به غيره لأن من لا يعرف له اسم فهو خامل مجهول وقالوا سم وسم في المسموع فدل ذلك على أنهم بنوه تارة على فعل وتارة على فعل وقد انشدوا أبياتا لوجهين منها قول الراجز:

والله سماك سماً مباركاً ... آثرك الله به ايثاركا

وقال آخر:

وعالمنا أعجبنا مقدمه ... يكنى أبا السوح وقرضاب سمه

وأما قول الآخر:

فدع عنك ذكر اللهو واعمد بمدحه ... لخير معد كلها حيث ما انتمى

لأجودها كفأ واكرمها أبا ... وأحسنها وجها وأرفعها سما

<<  <   >  >>