للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أعوذ بالله من آل العقراب ... المصغيات الشايلات الأذناب

وقد ادعى قوم أن قولهم استكان إنما هو من استكن أي افتعل من السكون ثم زيدت عليه الألف وهذا نقص للقياس لا يجوز أن يذهب اليه ذاهب عرف أصول العربية لأنهم لم تجرعادتهم بمثل ذلك ولو فعلوه في موضع لم يجعلوه أصلا يقاس عليه وقد قالوا يستكين ومستكين قال ابنُ أحمر:

ولاتصلي بمطروق إذا ما ... سرى في القوم أصبح مستكينا

وإنما استكان الستفعل ومُستكين مستفعل وهوه مأخوذ من قولهم كان كذا وكذا أي المسكين كأنه شيء قد كان أي ذهب ومضى ويجوز أن يكون مأخوذا من الكين وهو لحم الفرج يراد أنه قد ذل وضعف كأنه قد صار من ذلك فاذا كان من الكون فألفه منقلبة من الواو وإذا كان من الكين فهو من ذوات الياء واستكان على القول الذي حُكي وزنه افتعال ويستكين وزنه افتعال ويستكين وزنه يفتعيل ومستكين ونه مفتعيل وهذه أبنية مستنكرة وإنما يستعمل مثلها في الضرورة فأما في عمود اللفظ فلا يجوز أن تقع وقد روي أن الحسن قرأ واعتدت لهن متكآءً بالمد فهذا مُفتعال وهو يضاهي في الألف باب افئيدة في الياء ومن مفتعال المستعمل في الضرورة قول الشاعر أنشده الفارسي:

وعن شتم الرجال بمنتزاح

يريد بمنتزح وما أعتقد أن شاعراً قوياً في الفصاحة يريد مثل هذه الزيادات وإنما هي شواذ ونوادر وقد ينطق بها غير فصيح لأن البيت إذا قاله القائل حمله الراشد والغوي وربما أنشده من العرب غير الفصيح فغيره بطبعه الرديء ومن زيادة الألف على رأي أبي علي قول الراجز:

إذا العجوز غضبت فطلق ... ولا ترضاها ولا تملق

فهو يرى أن هذه الألف زيدت بعد الجزم وليست الألف التي في قولك هو يترضاها والمذهب القديم أن الألف هي الأصلية لأن ردهم الأشياء إلى أصولها عن الضرورات أشبه من اجتذاب ما يستحدث من الزيادات وعلى هذا يجرى القول في بيت عبد يغوث إن وقاص:

وتضحك مني شيخةٌ عبشميةٌ ... كأن لم تريْ قبلي أسيرا يمانيا

فمن روي تري على المواجهة فلا ضرورة في البيت ومن روى ترى على الغائب المؤنث فهو مردود إلى الأصل على القول المتقدم والألف فيه هي الياء التي كانت في رأيتُ وهي من نفس الحرف وهي على رأي الفارسي مجتلبة لأنجل فتحة الراء والقول الأول أقيس لأنهم قد ردّوا الأشياء إلى أحكامها في أصول الأبنية كما قالوا رادد في راد وقاضي في قاض فاذا فعلوا ذلك جاز أن تلحق الألف بالهمزة، كما قان الشاعر:

وكنت أرجي بعد نعمان جابرا ... فلوّأ بالعينين والألف جابر

وإنما هو لوى بعير همز فكأنه قال لوّى فلم يستقم ذلك فعدل إلى الهمزة لمجانستها الألف.

وأما زيادتهم الواو لأجل الضمة فكقولهم القرنفول قال الراجز:

خود أناة كالمهاة عطبول ... كأنما نكهتها القَرَنفُزل

ويقال إن طيئا تقول أنظور في معنى أنطر وقد أنشد الفراء:

لو أن عمراً هم أن يرقودا

يريد يرقد ويجب أن يكون من هذه اللغة قول الوليد بن يزيد:

إني سمعت بليل ... نحو الرصافة رنه

خرجت اسحب ذيلي ... أنظور ماشأ نهنه

وقد ينشد أنظر بغير واو ذلك كسر في البيت.

وأما قول من يحتج لأفئيدة أنها من الوفود فلا فائدة فيه لأنها لا تخرج بذلك إلى وجه محتمل وإنما جعلها رديئة كونها في وزن مستنكر فمن أي شيء اخذت على ذلك فهي مستكرهة وليس معنى القراءة إذا كانت بالياء إلاكمعناها بغير ياء وإذا جعلوا أفئيدة من الوفود لزمهم في ذلك أشياء أولها، أنهم همزوا واو وفود لضمتها همزا لازما جمعوها على أفعلة لأن فعولاً وفعالاً قد يجمعان على أفعلة اما فُعول فيشبه بفعول مثل عمود، وأما فعال فيسبه بحمار وبابه، وقد قالوا استرة في جمع ستر كأنه جمع ستور أو ستار وقالوا افرخة في جمع فرخ كأنه جمع فروخ أو فراخ فهو جمع، فال الشاعر:

أفواه أفرخة من النغران

<<  <   >  >>