أن يأثروا علي كذباً لكذبت». فهذا دليل على أن ترك الكذب لغيد الديانة لا يؤمن دوامه عند تعارض الصدق مع المصلحة، وعند الاطمئنان من عدم حصول الضيحة بالكذب.
ولما كان كذلك هو سبب اشتراط العدالة استثنينا من الفساق فساق التأويل: كالمبتدع (غير المكفر ببدعته) المأول (غير المعاند). وكمن يشرب النبيذ على مذهب الكوفيين؛ لأن هؤلاء ـ وإن كنا نغلظ عليهم هذا الاعتقاد او الفعل، لخطورته ومخالفته الصريحة للنصوص الشرعية، ونحذر الناس منهم ومن الاغترار بهم ـ قد لا يكون وقوعهم فيما وقعوا فيه بسبب ضعف الواءع الديني في قلوبهم، ذلك الضعف الذي لا يمنع صاحبه من تعمد الكذب. بل وقعوا في ذلك السق جهلاً أو تأولاً (وأحدهما مصاحب للآخر)، مع تعظيمهم لحرمات الدين، وقوة مراقبة الله تعالى في قلوبهم، مما يطمأن معه إلى أنهم لن يتعمدوا الكذب.