يعرف العلماء الإسناد بأنه سلسلة رواة الحديث النبوي الشريف الموصلة-يعني السلسلة-الى المتن، فهو اذا الطريق الى نص الحديث.
والمتن -كما هو معلوم- هو نص الحديث النبوي الشريف الذي حدَّث به النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه وال بيته رضي الله عنهم وامرهم بتبليغه وهو كلُّ ما اضيف الى النبي من قول او فعل او تقرير او صفة خَلْقية أو خُلُقية.
فاعتمد العلماء في قبول الحديث وعدم قبوله وفي صحته وعدم صحته وفي اخذه وردِّه، اعتمدوا في ذلك كله على الاسناد، ووصف باوصاف كثيرة من قبل المسلمين وكذلك من قبل الطاعنين.
فالاسناد هو القوائم الذي قامت عليه جهود حفظ السنة كما وصفه ابن المبارك رحمه الله، وزاد على ذلك ايضا بمقالته المشهورة بان الاسناد من الدين ولولا الاسناد لقال من شاء في دين الله ما شاء.
ولا يبعد الشافعي على هذا عند وصفه بان الاخذ للسنة من دون اسناد كالمحتطب في الليل، يحتطب ليلا والافعى في حطبه.
فلا تكاد تجد سنة محفوظة لاحد كحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لم يدعه المسلمون لانفسهم وحدهم، حتى ان فلاسفة اليهود اعترفوا بذلك، والمنصفون ايضا قد بانت امام اعينهم تلك الحقيقة، وقد نقل الشيخ عبد الفتاح ابو غدة في كتابه "الاسناد من الدين" قول ذلك العالم الالماني المدعو "شبرينجر" فقال: "ان الدنيا لم تر ولن ترى امة مثل المسلمين فقد درس بفضل علم الرجال الذي اوجدوه حياة نصف مليون رجل".
وهذا جاء نقلا عن مقدمة القائل الالماني على كتاب "الاصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
فالشمس والقمر لا يُحجبان بحاجب الاهواء، أفتحجب السنة بحاجب الاقوال؟
فقد قيل وقيل، ولكن ... أنَّى للاقوال ان تغلب الحقيقة من دون حق، وهذا لا يحتاج منا الى بيان، وما بياننا امام بيان الله تعالى، وهو الواحد الديان المتكفل بحفظ السنة والقران في كل زمان ومكان.
كان ابو بكر احمد بن اسحاق الفقيه يحدِّث في مناظرته لرجل، فقال له الرجل دعنا من حدثنا، الى متى حدثنا؟ فزجره الشيخ وطرده من بيته واشهد من يجالسه بانه لم يطرد احدا من بيته سواه.
فما من شيء اثقل على اهل البدع ولا ابغض اليهم من سماع الحديث وروايته باسناده، وهذا قول الامام الحاكم نقلا عن احمد بن سلام الفقيه.
وهو وارد لمن اراد الطعن بالسنة، فانهم يعلمون انه لا يمكن لطعنهم ان ينفذ من قوسه بقيام الاسناد وقيام اهله القائمون اليه، فما بال طلبة العلم عنه منشغلون والناس عنه معرضون.
فقد احتفظ العلماء باسانيد كل الاحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا، ولن يعترفوا بحديث كان في اسناده خلل وعلَّة ابدا، او لم يكن له اسناد اصلا، وما حاز علم من علوم الشريعة على جهودِ علماءٍ كما حازت السنة النبوية الشريفة.