ويروي انه قال:" كنت يوماً جالساً، فجرى بخاطري أني بخيل، فقلت: أنا بخيل؟! فقاومني خاطري، وقال: بلا!، انك بخيل!. فقلت: مهما فتح على اليوم، لأدفعنه إلى أول فقير يلقاني!. قال: بينا أنا أتفكر، إذ دخل على صاحب لمؤنس الخادم، ومعه خمسون ديناراً، فقال: اجعل هذه في مصالحك "، فأخذتها وخرجت. وإذا بفقير مكفوف، بين يدي مزين، يحلق رأسه، فتقدمت إليه، وناولته الصرة، فقال لي: أعطها للمزين ". فقلت: " أنها دنانير! "، فقال: " أو ليس قد قلنا انك بخيل؟! "، فناولتها للمزين: " من عاداتنا أن الفقير إذا جلس بين أيدينا لا نأخذ منه أجراً ". قال: فرميتها في دجلة فقلت: " ما أعزك أحد إلا أذله الله! ".
وقال: كنت في قافلة بالشام، فخرج الأعراب فأخذوها، وأميرهم جالس يعرضون عليه، فخرج جراب في لوز وسكر، فأكلوا منه إلا الأمير، فأنه لم يأكل؛ فقلت له: " لما تأكل؟! "، قال: " أنا صائم! ". قلت " تقطع الطرق، وتأخذ الأموال، وتقتل النفس، وأنت صائم؟! "، قال: " يا شيخ! اجعل للصلح موضعاً ". فلما كان بعد حين، رأيته يطوف، وهو محرم، كالشن البالي، فقلت: " أنت ذاك الرجل؟! ". فقال: " ذلك الصوم بلغ بي إلى هذا ".
ورؤى الشبلي في جامع المدينة قد كثر الناس عليه في الرواق