للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن الحرية التي تتربص بحياة الأبرياء وتهددها، أو التي تعود ممارستها بالضرر على عقول الناس، أو تبديد ممتلكاتهم، أو تتناقض مع مصلحة الدين وحمايته، لا تعتبر -والحالة هذه - حقاً ممتلكاً أو مشروعاً لصاحبه، ومن ثم يجب حجز هذا الحق عنه، حماية لهذا الحق ذاته في مستواه الأكثر أهمية، أو حماية لمصلحة إنسانية تعود إلى حماية حق آخر أسبق منه في سلم الأولويات (١).

ولذا يجب على من يدخل في الإسلام أن يعتقده اعتقاداً جازماً، وفي ذلك منتهى الاحترام للعقيدة التي لا يسمح الإسلام بأن تكون عقيدة سطحية وعرضة لتضليل المضللين.

وحرية اختيار ما يريد الإنسان ويشتهي ويهوى، مما أباح الله في شريعته لعباده من عمل ظاهر أو باطن غير ملاحقة بالمسؤولية والحساب والجزاء ما لم ينجم عنها لدى استعمالها ترك واجب أو فعل محرم أو عدوان على حق الغير فرداً كان أو جماعة، أو ضرر أو إضرار بأحد من الناس، أو البيئة أو غيرها.

وإنما كانت الحرية في هذا المجال غير ملاحقة بالمسؤولية والحساب والجزاء؛ لأن الله الذي له الخلق والأمر قد منحها ذلك، فأباح لها أن تختار ما تشتهي من أصناف أو أفراد داخلة في دائرة المباحات التي أباحها لعباده، وأنزل فيها إذنا شرعياً ضمن دائرة ما أباح لهم أن يفعلوه أو يتركوه.

وما أباح الله ﷿ للإنسان من سلوك شخصي لا علاقة للمجتمع به، أو لا يمس إنساناً بضرر فلا حق لأحد أياً كان أن يحرمه منه، أو يمنعه عنه (٢).

وقوله: (ولم تطعن في صحته أي سلطة دينية رسمية في أي بلد مسلم، وذلك خوفاً من التعرض لنفس مصير سلمان رشدي).


(١) الحقوق والحريات المدنية والسياسية ص ٢٥٣.
(٢) الفقه الإسلامي وأدلته ٦/ ٧٢٠ للدكتور وهبة الزحيلي، كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة ص ٣١

<<  <   >  >>