للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الممارسة في نطاق نظامها الديني، لكن شيوع النظام العلماني جعل الناس ينسون هذه الحقيقة، ويفترضون أن النظام العلماني هو النظام الوحيد المناسب للبشرية، فما يبيحه هو المباح، وما يحرمه هو المحرم، وهذا أمر ينكره المسلم الملتزم بدينه (١).

إن حقوق الإنسان في الإسلام من الثوابت التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي، فهي ليست حقوقاً دستورية فحسب، وهي ليست نتاجاً فكرياً يمثل مرحلة من تطور العقل الإنساني، وليست حقوقاً طبيعية كما يعبر عنها في القانون الوضعي، ولكنها في التعاليم الإسلامية واجبات دينية محمية بالضمانات التشريعية والتنفيذية، وليست وصايا تدعى الدول لاحترامها والاعتراف بها من غير ضامن لها، بل هي مرتبطة بالإيمان بالله، وتقواه، يكلف بها الفرد والمجتمع كل في نطاقه وفي حدود المسؤولية التي ينهض بها، وبذلك فإن الفرد في المجتمع الإسلامي يتشرب هذه الحقوق ويتكيف معها بحيث تصبح جزءاً من مكوناته النفسية والعقلية والوجدانية، ويحافظ عليها؛ لأن في المحافظة عليها أداء لواجب شرعي، ولا يجوز له أن يفرط فيها؛ لأن التفريط فيها تقصير في أداء هذا الواجب (٢).

بل إن الارتباط بين هذه الحقوق وبين الإيمان بالله وتقواه هو مصدر قوة هذه الحقوق في الإسلام.

وإنه من الخطر الكبير في مفهومنا الإسلامي إضعاف هذا الارتباط، وذلك لأن مفعول «العقيدة الإلهية» في ذلك أقوى من مفعول «القانون المادي»، خاصة ونحن نرى أن معظم الاضطراب والشذوذ في حياة الناس في العالم المتقدم مادياً،


(١) حقوق الإنسان والقضايا الكبرى ص ٤، ٥ للأستاذ كامل الشريف.
(٢) حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية ص ٨، ٩ للدكتور عبد العزيز التويجري.

<<  <   >  >>