إنما سببه فقدان العقيدة الإلهية، والانصراف إلى حياة مادية بحتة تزايدت معها الجرائم، وحياة الشذوذ في تلك المجتمعات.
وفي الإسلام كل حق إنما هو واجب على آخر، فحق الوالدين في البر هو واجب على الأبناء، وحق الأولاد في الرعاية هو واجب على الآباء، وحق الزوجة في الرعاية والنفقة واجب على زوجها، وحق الرعية في العدل واجب على الحكام، وحق الفقراء في الكفاية من العيش واجب على الأغنياء. وهكذا نجد الحقوق في الإسلام إنما هي واجبات وفروض، فإذا روعيت هذه الواجبات وأديت هذه الفروض لأهلها استقر الأمر واستقام المجتمع، والمسلمون وحدهم هم الذين يفهمون الإنسان بمعناه الصحيح؛ لأنهم أتباع محمد ﷺ، ومحمد وحده هو الذي أعلن حقوق الإنسان بهذا المعنى؛ لأنه رسول الله، والله وحده هو الذي ألهم رسوله وأوحى إليه هذه الحقوق؛ لأنه أرسله رحمة للعالمين كافة.
أرسله رحمة للذين استضعفوا في الأرض لقلة المال كالمساكين، أو لفقد العشير كالموالي، أو لضعف النصير كالأرقاء، أو لطبيعة الخلقة كالنساء، فكفل الرزق للفقير بالزكاة، وضمن العز للذليل بالعدل، ويسر الحرية للرقيق بالعتق، وأعطى الحق للمرأة بالمساواة.
والمستضعفون الذين ﵏ برسالة محمد لم يكونوا من جنس مبين، ولا من وطن معيّن؛ إنما كانوا أمة من أشتات الخلق وأنحاء الأرض، اجتمع فيها العربي والفارسي والرومي والتركي والهندي والصيني والبربري والحبشي على شرع واحد هو الإسلام، والإسلام الذي يقول شارعه العظيم «ولقد كرمنا بني آدم» لم يخص بالتكريم لوناً دون لون، ولا طبقة دون طبقة، إنما ربأ ببني آدم جميعاً