للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن يسجدوا لحجر أو شجر أو حيوان، وأن يخضعوا مكرهين لجبروت كاهن أو سلطان (١).

إن الأصل الثابت الذي تقوم عليه التعاليم الإسلامية هو الاحترام الكامل والوافر للكرامة الإنسانية، التي يتسم المفهوم الإسلامي لها بخاصيتي الشمول والعموم، فيكتسب هذا المفهوم عمقاً ورحابة وامتداداً في الزمان والمكان، وكما هو مقرر شرعاً، فإن المفهوم الإسلامي للكرامة الإنسانية يرتقي إلى قمة عالية من العدل المطلق، ومن المساواة الكاملة، ومن الحق والإنصاف اللذين لا تشوبهما شائبة، يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾] الإسراء: ٧٠ [، ويدل سياق الآية أن التكريم هو التفضيل للترابط والتكامل بين بدء الآية وختامها ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ و ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ وبهذا التكريم والتفضيل تأصلت الكرامة في الأصل الإنساني تأصيلاً، فتكريم الله لعباده هو تشريف لهم ما بعده تشريف (٢).

لقد وضع الإسلام القواعد الثابتة والمبادئ الراسخة لكرامة الإنسان، ولمبدأ المساواة وعدم التمييز وللدعوة إلى التعاون بين الشعوب، ولحرية الإنسان في العبادة ولحق الحياة، ولحق الحرية، ولحرمة العدوان على مال الإنسان، وحصانة بيته، ولقاعدة أن الأصل في الإنسان هو البراءة، ولمبدأ التكافل الاجتماعي، وهذه هي المبادئ العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي كان الإسلام سباقاً إلى إقرارها، وكان المجتمع الإسلامي سباقاً إلى ممارستها، والحياة في كنفها.


(١) وحي الرسالة ص ٧، ٦ لحسن الزيات.
(٢) حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية ص ٩.

<<  <   >  >>