هذا يدل على أن الضيافة ثلاث، وتقدير الضيافة بثلاث تقدير صائب، لأن الإنسان في الأغلب إذا كان في سفر، فالثلاث غالب ما يقيمها عابر السبيل لقضاء شغل وانتظار صاحب، ولذلك أن قاصر الصلاة في السفر منتهاه إليهما، فلما مضت الثلاث سأله علي فقال: ألا تحدثني؟ فعرض عليه أن يحدثه ولم يلزمه. يعني ألا تراني أهلًا لأن تحدثني فكان جوابه أن قال:(إن أعطيتني عهدًا أو ميثاقًا لترشدني فعلت).
* وفي هذا الحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يداري ما يخافه بل يوهم فيه غير قصده لأن عليًا رض الله عنه قال له: إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء.
* وفيه دليل على جواز قول الرجل (أريق الماء) فإنه قد سبق في هذا الكتاب عن عمر أنه نهى عن ذلك وكلاهما له معنى.
* وقوله) فإن مضيت فاتبعني) أي إن أتممت الشيء فاعلم أني لم أر شيئًا أخافه عليك فاتبعني.
* وقوله (أسلم مكانه) فيه دليل على أن العاقل إذا بان له الحق لم يتوقف ولم يؤخر قبوله والعمل به من ساعة إلى ساعة.
* وقوله:(ارجع إلى قومك حتى يأتيك أمري) فيه دليل على جواز التربص بالأعداء والصبر عليهم.
* وفيه جواز أن يبذل المؤمن نفسه معرضًا بها للتلف في إظهار الحق لقول أبي ذر: والله لأصرخن بها بين ظهرانيهم.
* وفيه ما يدل على فضيلة العباس في أنه حمى أبا ذر من شر المشركين،