سبحانه يسوق إليك الطعمة ويهيء آلات استطعامك لتناولها، ويلطف بك حتى يخلصك من أثقالها.
* وقوله:(استطعموني) أي اطلبوا الرزق مني ولا يستنكف حي ولا ذو كثرة أن يستطعمني، فإن ذلك يجهله وعمهه يظن أن ذلك الذي في يده من رزقي وقد رفعه إلى فيه، يطعمه إياه غيري.
* وفيه أيضًا للفقراء ما يؤدبهم وكأنه قال: لا تطلبوا الطعمة من غيري، فكل هؤلاء الذين تطلبون منهم أنا أطعمهم (فاستطعموني أطعمكم).
* وقوله:(كلكم عار إلا من كسوته) فيه من الفقه: أن الكسا من الله تعالى متنوعة فقد يكسو من عري جسدًا، وقد يكسو بالستر الجميل.
* وقوله:(فاستكسوني)(١٧٩/ ب) أي اطلبوا مني الكسوة الجميلة الطاهرة فإن من كساه الله تعالى لباس التقوى لم يقدر أحد أن ينزعه عنه.
* وقوله:(إنكم تخطئون بالليل والنهار) في هذا الكلام الشريف من التأنيب والتوبيخ ما يستحي منه كل مؤمن، وذلك أنه إذا لمح العبد الفطن أن الله تعالى خلق الليل ليطاع فيه سرًا، ويعبد بالإخلاص في خلوة من الناس، حيث تسلم الأعمال غالبًا من الرياء والنفاق، ومشاهدة الخلق، ولا يستحي المؤمن ألا ينفق الليل فيما خلق له من الطاعة حتى يخطئ فيه ويعصي الله تعالى في مطاويه. فأما النهار فإنه جعل مشهودًا من الناس يقتضي من كل فطن أن يطيع الله تعالى فيه، ولا يتظاهر بين الناس بالمخالفة، فيكون مجرئًا لغيره على مثل ذلك، فكيف يحسن بمؤمن أن يخطئ جهرًا يشهد به عليه خلق الله عز وجل في نهار يكشف الأغطية، ويبدي الوجوه والألوان، إلا أنه سبحانه وتعالى قال بعد ذلك كله:(وأنا أغفر الذنوب جميعًا) وذكر الذنوب بالألف واللام اللتين للتعريف، وإنما قال سبحانه جميعًا ها هنا قبل أمره إيانا باستغفاره حتى لا يقنط أحد من رحمة الله لعظيم ذنب احتقبه ولا لشديد وزر قد ارتكبه.
* وقوله:{لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني} في مثل هذا