ذلك بل ليعبد الله عز وجل في أرضه، وأنه إذا رآه على باطل مقته في ذات الله تعالى، واستوفى حق الله تعالى منه، كما روي أن عمر جلد ابنه في حد فمات، وكان يقول له عند مساق الموت: إذا لقيت الله فأخبره أن أباك يقيم الحدود.
* وكذلك الفتنة في جاره فإنه مأمور بحفظه وأن لا يسلمه، ثم إنه مأمور بأن لا (١٨٥/ ب) يمنعه من حق عليه، ولا يقره على ظلم غيره، إلا أن هذه الأشياء كلها أخبر حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأخبر أن المتخوف شره من كل هذه إذا وقع الإنسان فيه، فإنه يكفره الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هذه حسنات أخبر الله عز وجل أنهن يذهبن السيئات.
* وفي هذا الحديث من الفقه أيضًا أن السائل إذا سأل عن مسألة من النطق المحتمل لمعنيين، أتى المجيب بشرح يستغرقهما معًا لتكون إفادته لهما من غير إخلال بواحد منهما، كما أن حذيفة لما ذكر الفتنة أتى بفتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، ثم اتصل الحديث بذكر الفتنة الكبرى التي تموج موج البحر، وقوله:(يكفرها الصيام والصلاة) بالألف واللام، إنما يعني به الصيام المفروض والصلاة المفروضة، فلا يحتاج الإنسان أن يعين لذلك مكفرًا غير ذلك، ولو أراد غير المفروض المعهود لقال: صيام وصلاة. وفي تقديمه الصيام على الصلاة ها هنا معنيان: أحدهما أنه اتسق القول من أجل أن الأخذ في الكلام أن يكون الوقوف على المترادف وهو ما ترادف فيه الساكنان الألف والهاء، ولذلك جاء في الكلام كثير الصوم والصلاة، فقدم الصوم لأنه أخف على اللسان، والقرينة على الإطلاق يراعى فيها الأخف من القول.
* والوجه الثاني: أن استعمال الصوم في الكفارات أكثر من غيره ككفارة اليمين والظهار، وفي محظورات الإحرام وغير ذلك.