للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* في هذا الحديث من الفقه جواز البول في السباطة، وجواز البول قائمًا أيضًا. إلا أن هذا الحديث قد رواه أبو هريرة في مكان آخر فقال: (بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا لمرض كان بمأبضيه) وقيل: كان جرحًا، وقد قيل: إنه فعل ذلك تداويًا.

* وفيه أيضًا من الفقه أنه استدنى حذيفة في ذلك الوقت حتى كان عند عقبه فقيل: إنه فعل ذلك للاستتار كما يستتر بالشجر إذا كان في الصحراء فلما لم يكن عنده في السباطة شيء يستتر به استتر بحذيفة.

ولكن أرى أن حذيفة لما دنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليستتر به فما هو إلا أن حذيفة ولى ظهره إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستقبل بوجهه المكان الذي يخشى منه النظر فيكون حارسًا ساترًا، وإن كان لإزالة الوسواس فإنه مقصود في هذا المقام أيضًا، لأن حذيفة قال: (فتنحيت) فقال: (أدنه) فدنوت فدنوت حتى قمت عند عقبيه. والعقبان مما يلي ظهر الرجل وذلك أن حذيفة لما بعد في مثل ذلك الموضع لم يكن لبعده فائدة إلا مجرد الوسواس، فإن رشاش البول لا يتراجع من الآدمي إلى ما وراء عقبيه، فكان تباعد حذيفة مجرد وسواس فقط، فأدناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمه، ويعلم كل من يتصل هذا الحديث به أن التنطع والتدقيق في الاحتراز من النجاسة إلى الحد الذي يطاوع فيه الوسواس فيتنحى لأجله إلى موضع لا يخاف أن تصله فيه النجاسة، أو يبعد الرجل ولده أو يتنزه عن أن يعالج مريضه أو يأنف من والده الكبير أو والديه أو غير ذلك، أن هذا من الشيطان، فاستدناه - صلى الله عليه وسلم - لذلك (١٨٨/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>