السبب الذي كانت الأمانة تنبع من قلبه لأجله، فينام فيصبح وقد قبضت الأمانة من قلبه.
* وقوله:(فيبقى أثرها كأثر الوكت) والوكت: الأثر، نحو تأثر البشرة إذا انتفط منها مكان الإرطاب، فقال بشر موكت (بكسر الكاف) والمعنى أن ذلك يبدو عليه ويستشف منه ولا يخفى من حاله فيكون أثره فيه كأثر الوكت.
* ثم قال:(وينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه) يعني - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل إذا كان يؤدي الأمانة رعاية لشخص فمات ذلك الشخص أو ذهب ما بينه وبينه فينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه لانقطاع سببها، فيصبح وقد بدا ذلك على حالة وظهر عليه ليكون (١٨٩/ ب) أثره كالمجل، والمجل: أثر العمل في الكف. فقال: مجلت يده، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن الحال تبين من الظاهر لا من الباطن كجمر دحرجته على رجلك أي أنه أخذ من ظاهر الجلد لا من باطنه فرآه منبترًا أي منقطعًا على هذا الشبه. ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله أي أن ذلك يبدو عليه من ها هنا ومن ها هنا من مواضع متغايرة لأن كل واحد من الناس يستشف ذلك عليه من جهة.
* وقوله:(فيقال ما أجلده) ما أظرفه!! أي أنه كانت جلادته وظرفه لغير الله ولم يكن في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، والظريف، فعيل من الظرف، والظرف الوعاء، فكأن الظريف وعاء للآداب، والأمانة باطن محض وسر صرف، فهي إذا خلا منها الظرف لم يغنه ما أوعي فيه من غيرها.
* فقال حذيفة حينئذ:(لقد أتى علي زمان ما أبالي أيكم بايعت) يعني أن الإيمان كان في ذلك الزمان شائعًا عامًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما الآن فإنه لما قل الإيمان قلت الأمانة التي هي لله، فلا أبايع إلا فلانًا وفلانًا ممن بقي على ذلك الطراز الأول، يؤدون الأمانة لله عز وجل.
* واعلم أن المبايعة إن كانت يدًا بيد فلابد لها من الأمانة التي يزول معها الغش، وإن كانت نسيئة لم يستغن عن الأمانة التي يصدق فيها صاحب النسأ في المدة