للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضروبة في جنس ما يؤدي. ولا أرى حذيفة أتى من معاملة عموم الناس حذرًا على ماله فقط بل حذرًا على دينه من أن عموم الناس غير متحرجين في بياعتهم ومعاملاتهم، وأنهم ربما يعقدون العقود الفاسدة أو يعاملون المعاملات التي ليست جائزة، فمنعه ورعه وفقهه بعلوم البياعات وتجنب الربا من المعاملة للناس على الإطلاق، وإذا كان هذا في زمن حذيفة فكيف به في زماننا هذا؟! (١٩٠/ أ) إلا أن ظاهر الشرع جواز معاملة الناس وحمل أمرهم على الأجمل إلى أن يتيقن في بعضهم ما يكره.

والذي رآه حذيفة في ذلك هو الأحوط، فأشار إلى مذهب الورع ولم يجعل ذلك حتمًا على الناس.

* وقوله: (وإن كان مسلمًا رده علي دينه) أي على إيمانه. وهذا يدل على أن المؤمن يرده دينه كما يرد الذمي ساعيه، فمن لم يجد من دينه ما يرد حقوق الناس فليتهم إسلامه.

* وقوله: (وإن كان معاهدًا رده علي ساعيه) يعني عامله الذي يأخذ منه الجزية فيكون مستطيرًا عليه.

* ومدار هذا الحديث هو التنبيه على أن الأمانة التي تثبت وتنفع في الدنيا والآخرة هي التي كانت لله ومن أجل الله، وأن الأمانة التي يستعملها الناس لأجل الناس ولحراسة معايشهم ولحفظ أقوالهم بين الناس، ولصلاح دنياهم، فإنها هي التي تقبض من قلوبهم وترفع لارتفاع أسبابها، ولانقضاء ما كانت لأجله، فأما ما كان منها لله تعالى، فإنه لا يزول لدوام الله سبحانه وتعالى.

-٣٩٥ -

الحديث التاسع:

[عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يدخل الجنة قتات).

<<  <  ج: ص:  >  >>