نعم هو كذلك، وليس هذا تكبرًا وجفاءً، بل هو لحفظ المروءة وترك ما يسقطها، وأهل المروءات والفضائل إنما يسارعون إلى الفضائل من السخاء والجود وبذل العلم والإعانة في النوائب وهم لهم شأن ومن سواهم له شأن فافهم.
قوله:(ويستحب للمسلم عيادة. . . يا يهودي).
لاشك في استحباب هذه الأمور، واختلف أهل العلم في عيادة المسلم، ولعل خلافهم في المسلم المعين، واحتج من قال بوجوب عيادة المسلم بأدلة منها ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«حق المسلم على المسلم ست. . .، ومنها: إذا مرض فعده»، وفي لفظ:«خمس تجب للمسلم على أخيه. . .»(١) الحديث.
والأشبه أنها واجبة ولكن بشروط، أولها ألا يكون هناك مشقة، وأن يكون هذا المسلم معيّنًا؛ لأن مرضى المسلمين لا حصر لهم، والمشقة تجلب التيسير، وواجبات الشريعة تسقط بالعجز، فقد تكون من الواجبات الكفائية، وعلى ذلك يبدأ بالأقرب فالأقرب.
وهذا الأرجح لما فيها من الخبر العائد على المريض من حسن الظن بالله والتنفيس له بالأجل.
وقول المؤلف:(وتعزية أهله. . .).
والتعزية هي التصبير، فتقول: عزّى فلان فلانًا، أي صبره، وعلى هذا المعنى تكون
(١) أخرجه أحمد (رقم: ١٠٩٧٩)، والبخاري (رقم: ١١٨٣)، ومسلم (رقم: ٢١٦٢)، وأبو داود (رقم: ٥٠٣٠)، والنسائي (رقم: ١٠٠٤٩)، وابن حبان (رقم: ٢٤١).