أحدُهما: أنَّ كلَّ واحدٍ منهما قد يكون جامداً والجامدُ لا يعملُ إذ لا معنى فيه يَتَأَثَّرُ به المعمول.
والثَّاني: أنّ المُبتدأ لو كانَ مرفوعاً بالخبرِ لَوَجَبَ أن يكونَ فاعلاً، إذا كان الخبرُ فعلاً، والفاعلُ لا يكونُ قَبلَ الفعلِ، وأمَّا ارتفاعه بالعائِد فلا يَصِحُّ لثلاثة أوجه:
أحدُها: أنَّ العائدَ لا يعملُ في الظَّرف ولا في الحالِ، مع أنَّ العامِلَ فيهما قد يكونُ معنى ضعيفاً، فألاَّ يعملُ هنا أَولى.
والثاني: أنَّه يُفضي إلى عَملِ ما في الصِّلةِ قبلَ الموصولِ، وذلك باطلٌ ألا تَرى أنَّ الفِعل لو كان في ذلك المَوضع لم يَعمل فالضَّميرُ أولى.
والثالثُ: أنَّ العائدَ لو رُفع للزمَ الرَّفعُ في قولك: ((زيداً ضَربته)) ولمَّا جازَ أن يعملَ فيه المحذوف ويلغي العائد، دلَّ على أنَّه ليس بعاملٍ، وإذا بَطلت هذه المَذاهبُ، تعيَّن ما ذهبنا إليه.
فإن قيلَ: لو كانَ الابتداءُ عاملاً لطُرِدَ في كلِّ اسمٍ مبدوء به ليس كذلك ألا ترَى أنَّك لو قلتَ زيداً ضربتُ لم يرتفع بالابتداء، قلنا: ليس هذا معنى الابتداء الذي ذَكرنا، بل معناهُ الابتداء المقتَضي ما يُسند إليه، ولو كان معنى الابتداء ما ذكروا لَوجب أن يكونَ الفِعلُ والحرفُ المبدوءُ بهما مرفوعين، وليسَ كذلك، لأنَّ ذلك لا يَقتضي ما [يسند] إلى المبدوء به بخلاف الابتداء على ما ذكرنا.
أمَّا حُجَّة الكوفيين فقد قالوا: إنَّ كلَّ واحدٍ من الابتداءِ والخبرِ لا يَستغني عن صاحِبه، فوجبَ أن يكونَ عامِلاً فيه لتأثُّره به في المعنى، لأنَّ المُؤثِّرَ في المعنى يؤثِّرُ في اللَّفظِ، وَيَدُلُّ على ذلك أدواتُ الشَّرط فإنَّها