للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعلُ فاعل وكذلك اشتُقَّ منه المَفعول، وتصرُّف الاسمين منه دليلٌ ظاهرٌ على تأثيرِه فيهما وإذا أَثَّر فيهما في المَعنى أثَّر فيهما إعراباً، لأنَّ الإِعرابَ تابعٌ للمعنى.

واحتجَّ الآخرون أنّ الفعلَ والفاعلَ كالشيءِ الواحدِ يدلُّ على ذلك اثنا عشر وَجْهاً قد استوفيتها في ((اللُّباب)) و ((شرح اللُّمع))، وإذا كانا كذلك كانا عاملين في المفعول، فالعامل هنا مجتمعٌ من شيئين جاريين مجرى شيءٍ واحدٍ، وصارا كما قالوا في الخبر: يرتفع بالابتداء والمبتدأ وفي جوابِ الشَّرطِ: ينجزمُ بأنْ والفعل.

وقال بعضُهم: لو كان الفعلُ وحده عاملاً في المفعول لم يَجُز الفصل بينهما، وقد جاز ذلك فإن الفاعل يفصل بينهما.

والجوابُ: أمَّا جعلُ الفعلِ والفاعلِ كالشيءِ الواحدِ فلا يوجبُ ذلك أن يكونا كشيءٍ واحدٍ في كلِّ وجه، أَلا تَرى أنَّ المفعولَ يجوزُ أن يقعَ بين الفعلِ والفاعلِ نحو ضرب زيداً عمروُ، ولو كانا شيئاً واحداً لم يَجُزْ وكذلك الفصل بينهما بالظرف، وإذا كانا كالشّيءِ الواحد في بعض الأحكام لم يمنع ذلك من عملِ الفعلِ في المفعول، ويدلُّ على فسادِ ما ذهبوا إليه أنَّ الفعلَ يعملُ في الفاعلِ، ولو كان كجزءٍ منه من كل وجهٍ لم يَعْمَلْ فيه؛ لأنَّ بعض الكلمةِ لا يعملُ في بعضها.

<<  <   >  >>