للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا مَنْ ذَهب إلى أن العاملَ فيهما المعنى فحاصِلُه راجعٌ إلى مَذهب البَصريين، لأنَّ معنى الفَاعل والمفعول حاصلُ من الفعلِ، فإن أراد ذلك فقد حصلَ الوِفاق، وإن أرادوا معنى آخر فهو فاسدٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّ ذلك يُفضي إلى عملِ الشيءِ في نفسه، وذلك أنَّ الاسمَ لا يكون فاعلاً ولا مفعولاً إلى بنسبة الفعل إليه، فيلزم منه معناه، ولا يجوز أن يكون معنى الشيءِ عاملاً فيه، إذ لو كان كذلك لكان العملُ في جميعِ الأَسماء واحداً، لأن معناه لا يَختلف، ولأنَّ ذلك يُفضي إلى أنَّه لا حاجة إلى موجب الإِعراب، إذ الإِعراب قائمٌ بالمعرب، وإذا كان المعرب هو الموجب للمعنى القائم به لم يحتج إلى أمر آخر وذلك لا قائل به.

والوَجهُ الثاني: أنَّك تَرفع قولك: ((ماتَ زيدٌ)) ب ((مات) وزيدٌ في المعنى مفعولٌ وكذلك: جُرب زيدٌ، ولو كان معنى المفعول هو العامل لوجب أن تنصب الجميع، ويدل على فسادِ مذهبهم أنَّك تفصل بأن مع الفصل بينهما، وبين اسمها بالظرف نحو: ((إنَّ في الدّار زيداً)) ودلالة هذا من وجهين:

أحدهما: أنَّكَ نصبتَ بها مع الفصل.

والثاني: أنَّك نصبتَ بأن وحدها، لا بها وبالظرف، وإذا كان العامل الحرف وحده - مع ضعف الحروف عن الأفعال- فكيفَ لا يعملُ الفعلُ الذي هو الأصل القوي وحده؟.

والله أعلم بالصَّواب ..

<<  <   >  >>