الثالث: أنّ الحركات تضاف إلى الإِعراب فيقالُ: حركات الإِعراب وهذه ضمّة إعراب، وإضافة الشيء إلى نفسه ممتنعة، وكذلك الحركات توجد في المثنّى وليست إعرابًا.
واحتجّ الآخرون: بأنّ الأصلَ في الإِعرابِ الحركةُ؛ لأنَّها ناشئةٌ عن العامِلِ كقولك قامَ زَيدٌ، فالضمّة حادثة عن الفعل، والفعلُ عاملٌ، والعملُ نتيجة العملِ، والعمل هو الحركة، فأمّا كون الاسم فاعلاً أو مفعولاً فهو معنى مجرّدٌ عن علامةٍ لفظيّةِ يجوزُ أن تُدرك بغير لفظٍ، كما يُدرك الفرق بين المبنيّات بالمعنى مع حكمِ بالبناء، كقولك: ضَرَبَ هذا هذا، وكذلك [قولُك] في المعرب نحو كلّم موسى عيسى، فعلم أنّ الإٍعراب هو الحركة المخصوصة، وهذا هو حجّة هؤلاء.
والّذي أُحرره هنا أن أقول: الإِعراب فارقٌ بين المعاني العارضة، كالفاعليّة، والمفعوليّة والتَّعجّب والنّفي والاستفهام، نحو ما أحسن زيدًا، وما أحسن زيدٌ وما أحسن زيدٍ، نفس الحركات هنا فارقٌ بين المعاني، وإذا ثبتت أنّ الإِعراب فارق بين المعاني فالفرق الحاصل عن الفارق يعرف تارةً بالعقلِ، كالمعرفة أنّ الاثنين أكثر من الواحد، وأقلّ من الثلاثة، هذا معلوم بالعقل من غير لفظٍ يدلُّ عليه، وتارةً يعرف بالحسّ من السَّمعِ والبصرِ واللّمسِ والذوقِ، والشمِّ، فأنت تفرق بين زيدٍ وعمروٍ بالتّسميَة بما تَسمعه