إن العلاقة بين أسباب النُّزول والعموم قد أورثت عدداً من القواعد، وكان من أشهرها قاعدة:(العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، ويمكن الانطلاق من هذه القاعدة إلى تقرير عدد من القواعد، فأقول: قد وقع خلاف بين العلماء في علاقة السبب بالعموم الوارد في ألفاظه على قولين:
الأول: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
الثاني: أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
والقول الأول أقوى وأولى على التحقيق.
ولا يُفهم من القول الثاني أنهم يرون أن أحكام الله النازلة على سبب تختصُّ بالشخص المعين الذي نزلت فيه الآية ولا تتعداه، لكن مرادهم أنها مختصة به من جهة النُّزول، ويدخل معه غيره من طريق القياس، لا من طريق تعميم اللفظ (١).
ويمكن رصد الفرق بين المذهبين فيما يأتي:
أولاً: الفرق بين المذهبين في طريقة التعميم، فالقائلون بأن العبرة بعموم اللفظ لا يعنيهم من نزل فيه الخطاب بقدر ما يعنيهم المعنى الذي يعممونه.
(١) ينظر في هذا: مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق عدنان زرزور (ص٤٧)؛ وشرح المؤلف لها في الطبعة الثانية (ص٨٤ - ٩٠).