للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخدام هذا اللفظ ومشتقاته في كلام الله سبحانه، وفي كلام رسوله، وفي كلام الصحابة الذين نزل عليهم القرآن، ولا حاجة إلى التطويل في تقرير هذه المسألة.

ومما يدل على أنه مأخوذ من (قرأ) بمعنى (تلا) قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} [يونس: ٦١]، وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، وقوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]، وقوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} [الإسراء: ١٠٦] وغيرها من الآيات.

أخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «اقرأ القرآن في كل شهر. قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال: في ثلاث» (١).

وأخرج البخاري عن أبي بردة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (بعث جده أبا موسى ومعاذاً) إلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا».

فقال أبو موسى: يا نبي الله، إن أرضنا بها شراب من الشعير المِزْر (٢)، وشراب من العسل البِتْع (٣).

فقال: «كل مسكر حرام».

فانطلقا، فقال معاذ لأبي موسى كيف تقرأ القرآن؟

قال: قائماً وقاعداً، وعلى راحلتي، وأتفوقه تفوقاً (٤).


(١) أخرجه البخاري برقم (١٩٧٨)؛ ومسلم برقم (١١٥٩).
(٢) نبيذ يُتَّخذ من الشعير، وقيل: يُتخذ من الذرة أيضاً. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤:٣٢٤).
(٣) نبيذ العسل، وهو خمر أهل اليمن، والتاء في البتع تسكَّن وتحرك بالفتح، ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (١:٩٤).
(٤) قال ابن الأثير: (يعني قراءة القرآن؛ أي: لا أقرأ وردي منه دفعة واحدة، لكن أقرؤه شيئاً بعد شيء في ليلي ونهاري، مأخوذ من فُواق الناقة؛ لأنها تُحلَب ثم تُراح حتى =

<<  <   >  >>