لا يمكن التطابق التامُّ بين نطق بعض الكلمات ورسمها في جميع لغات العالم، بل يدخل فيها الزيادة والنقص وغيره مما يدخل في علم الإملاء.
لذا فإن خلوَّ رسم مصاحف الصحابة من النقط والشكل وغيرها لم يكن مشكلاً عندهم، لأنهم يحفظون القرآن في صدورهم، ولا يعتمدون على الرسم أوَّلاً، وإنما جاء الرسم لضبط صورة الكلام، لا للانطلاق منه إلى القراءة.
٤ - أن هذا الرسمَ الذي كان متعارفاً بينهم كان فيه اختلافٌ يدخل في اختلاف التنوع في طريقة الرسمِ، ولقد طلب منهم عثمان رضي الله عنه أن يكتبوه على الرسم الموافق للغة قريش، فقال:«وإذا اختلفتم أنتم وزيد، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه بلسانها نزل»(١)، والذي يدل على هذا المثال المذكور في اختلافهم مع زيد رضي الله عنه، فقد أراد زيد أن يكتب (التابوة)، وأراد القرشيون الذين معه أن يكتبوها (التابوت)، فدلَّ على أن القرشيين يفتحون التاء، ويقفون عليها بالتاء، والأنصار يربطون التاء، ويقفون عليها بالهاء، فكتبت بالرسم الموافق للغة قريش، وهذا من اختلاف الرسم كما ترى.
٥ - يقوم (رسم المصحف) على مجموعة من القواعد التي استنبطها العلماء من رسم الصحابة، وهذه القواعد:
١ - الحذف، مثل حذف الألف في مواطن كثيرة (يأيها)، وقد حُذِفت الألف بعد الياء.
٢ - الزيادة، مثل زيادة الألف في مواطن، مثل زيادتها بعد (لا) من قوله تعالى: {لأَذْبَحَنَّهُ}.
٣ - الهمز، مثل (يؤمنون، بئس، سأل)، وهي من أوسع أبواب الضبط وأشكلها.
٤ - البدل، مثل كتابة الواو في «الصلوة» بدلاً عن الألف (الصلاة).