فالجواب: إنَّ القراءات التي وصلت إلينا تدلُّ على أنَّه قد تُرك بعض القراءات التي كان يُقرأ بها؛ لأن أعلى ما وصلنا من الوجوه القرائية المتواترة في الكلمة الواحدة خمسة أوجه، ومن أمثلة ذلك كلمة (جبريل)(١).
ويرد السؤال المتوقع هنا، وهو لم لا نجد في كلمة سبعة أوجه من أنواع التغاير؟
فالجواب: لأنه قد وقع تركٌ لبعض الأوجه في العرضة الأخيرة، فكان ما بقي منها لم يتجاوز الخمسة، وهذا استدلال بالثابت من القراءات الموافقة للعرضة الأخيرة؛ لأن الأمة أمرت بأن تقرأ كما عُلِّمت، وما بلغنا صحيحاً مقبولاً (المتواتر) هو ما عُلِّمت وأريد لها أن تقرأ به، وما عداه ـ مما بأيدينا ـ فهو إما مما تُرك (نُسخ)، وإما مما لم يصحَّ رفع القراءة به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وإذا كان قد ثبت أنَّ هناك قراءات صحيحة لا يُقرأ بها اليوم ـ كالقراءات الأربع المتممة للعشر، وككثيرٍ من أفراد القراءات التي ثبتت بأسانيد مفردة، كقراءة (والذكر والأنثى) التي ثبتت عن ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما، وغيرها ـ فإنَّ هذا مما يدلُّ على أنَّ هذه القراءات قد تُرِكت، وهي من الأحرف المنْزلة.
ويمكن أن نقسم القراءات إلى أقسام ثلاثة:
القسم الأول: القراءات المشهورة التي تلقتها الأمة بالقبول، وحكم عليها العلماء بالتواتر.
القسم الثاني: القراءات الصحيحة التي لم تصل إلى حدِّ الشهرة والقبول، وقد تُرِكت القراءة بها.
القسم الثالث: ما سوى ذلك مما يُنسب إلى بعض القراء أو غيرهم
(١) ينظر: حديث الأحرف السبعة، للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، ط. مؤسسة الرسالة (ص٧٦ - ٧٧).