ثالثا: استيعابه في الجملة لأحاديث المترجم لهم حيث أطال النفس جدا فيما ينكر على الراوي في صبر، ودأب ظاهرين من أول الكتاب إلى آخره بحيث لايدانيه- فيما أعلم- أي كتاب آخر لاسيما في كثرة ما يورده من الغرائب، والمنكرات (١) .
رابعا: قيامه بسبرالمرويات، وإخضاعها لفحص دقيق، وموازنتها بروايات الأثبات المتقنين، ثم إرسال الحكم على الراوي مدللا، ومعللا. وهذا ما سيأتي الحديث عنه بالتفصيل قريبا.
(١) يظهر ذلك بالموازنة بينه وبين العقيلي (٣٢٢) هـ في» الضعفاء «، وابن حبان (٣٦٥) هـ في» المجروحين «وهما من نظرائه في باب الضعفاء حيث يقتصران غالبا على إيراد الحديث الواحد، والاثنين، وربما الثلاثة، وأحيانا لايوردون شيئا، في حين أن ابن عدي قد يذكر العشرة، والعشرين، بل الخمسين، والستين للراوي الواحد!! فالبون شاسع بينهما، والمحلة نازحة. ولايعد هذا تقصيرا منهما، بل لكل واحد وجهة تولاها. كما أن ذلك التميز المشار إليه ليس من باب الكمال المطلق لكتاب دون آخر، فلكل مميزات، وجوانب قوة، أو ضعف، وكان ابن عدي في هذا فذا، منقطع القرين، والله أعلم. وانظر: ترجمة شريك في ضعفاء العقيلي فلم يورد له أي حديث، واكتفى بسوق أقوال العلماء فيه، بينما ساق ابن عدي له (٦٤) حديثا معلولة، وفي ترجمة عبد الله بن لهيعة ساق العقيلي (٣) أحاديث، وابن عدي (٥٣) حديثا. وفي ترجمة أبان بن أبي عياش روى له ابن حبان في المجروحين (٢) حديثين، وابن عدي (٢٥) حديثا، وفي ترجمة جابر بن يزيد الجعفي لم يرو ابن حبان له شيئا سوى أقوال الرجال فيه، وأما ابن عدي فساق له مما ينكر عليه (١٣) حديثا عدا نصوص الجرح والتعديل، وفي ترجمة سعيد بن بشير أسند له ابن حبان (٣) أحاديث، وابن عدي (٢٣) حديثا مما تكلم فيه. وانظر التراجم المذكورة.