الأفكار التي يستحيل خطورها في عقل أي شاعر جاهلي سواء كان المراد أن القمر قد انشق فعلاً كما تقول بعض الروايات الخاصة بأسباب نزول الآية الأولى من سورة "القمر" أو كان المراد مجرد الإشارة إلى أن القمر سينشق مستقبلاً مع قيام الساعة على عادة القرآن في استعمال الفعل الماضي في كثير من الأحيان للدلالة على أحداث القيامة والعالم الآخر. ذلك أنه على المعنى الأول يكون "انشقاق القمر" معجزة من المعجزات، والجاهليون لم يكونوا يؤمنون بالمعجزات، أما على المعنى الثاني فحتى الطائفة الضئيلة التي كانت تعتقد، كما قلنا، اعتقادا عاماً في العالم الآخر لم يكن في ذهنها أن انشقاق القمر هو من مقدمات القيامة، فما بالنا بامرئ القيس؟
ولقد نَقَّبْتُ ذات يوم في أشعار الجاهلية للبحث عن كلمة "العيد" فلم أجد إلا شاهدين اثنين لا غير، أما عبارة "يوم العيد" بأكملها فلا وجود لها في ذلك الشعر. ثم هل يقول الجاهليون في أشعارهم ما جاء في البيت الأول مما لا يستطيع الإنسان أن يعقل له معنى من أن القمر قد انشق عن غزال صاد قلب الشاعر ونفر، أو ما جاء في البيت الرابع من أن ذلك الغلام قد فرّ عن الشاعر كهشيم المحتظر؟ أم هل كان من الممكن أن يتصوروا كتابة منقوشة على وجنة إنسان؟ إن هذا من مظاهر الترف الحضاري الذي لم يكن ليخطر لهم على بال! أم هل