منذ أن جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدعوة الإسلام، وهو وقرآنه يتعرضان لهجوم شرسٍ لا يرعى في منطقه ولا بواعثه إلاً ولا ذمة، هجومٍ كله باطل: هجومٍ ينطلق تارة من الوثنية والقبلية، وهو هجوم القرشيين. وتارة يقوم على العصبية القومية الغبية والأنانية الحاقدة الفتاكة، وهو هجوم اليهود، الذين لم يطيقوا أن يرَوْا نبياً من خارج بني إسرائيل، إذ كانوا يتوهمون أنهم أبناء الله، وأن الله إلههم وحدهم مهما كفروا ومهما اجترحوا من جرائم، وأنه لن يعذبهم إلا لأيام معدودة، فهم شعب الله المختار، وبقية الخلق "أغيار" منحطّون لا قيمة لهم. وتارة يقوم على رفض التوحيد النقي الذي لا يقر بوارثة البشرية لخطاٍ أبيهم آدم وأمهم حواء حين نسيا فأكلا من الشجرة المحرّمة فأهبطهما الله من الجنة، ولا بما يترتب على ذلك المبدأ الظالم الغريب من أن الله سبحانه وتعالى قد أرسل ابنه الوحيد بعد خطاٍ آدم وحواء بأزمنة متطاولة كي يفتدي البشر من هذا الخطأ (أو فلنقل كما يقولون: كم هذه الخطيئة) ، وذلك بتألمه وموته على الصليب ممل يُعَدً صورة من صور الوثنيات القديمة، مع أن من المستحيل أن يكون لله سبحانه ولد، فالألوهية والتعدّد نقيضان لا يجتمعان في العقل أساساً.