في هذا الفصل نتناول ما سمّاه الجاهل بـ "الأسئلة اللغوية"، وهي الأسئلة الخمسة والعشرون التي عقد لها فصلاً مستقلاً غطى الصفحات ١٠٧ - ١١٢. والهدف الذي يبتغيًاه من وراء هذه الشبهات هو أن يلقي في رُوع القراء بأن بالقرآن الكريم أخطاء لغوية، وهذه دليل على أنه لا يمكن أن يكون من عند الله، لأن الله لا يخطئ، وهو إذن من تأليف محمد، ولسوف أفاجئه وأسلك في الرد على هذا القيء سبيلاً لا يتوقعها هذا الجاهل ولا خطرت له ببال، إذ سأفترض أن محمداً هو فعلاً صاحب القرآن، ثم أعالجه بمفاجأة أخرى لا تقلّ عن الأولى إذهالاً إن لم تزد، هذه هي المسألة كما يقول شكسبير!
فالمعروف أن أية لغة هي من صنع أهلها الأوائل الذين تكون ممارستهم لها حينئذ بالسليقة، أي بدون أن يكونوا واعين تماماً بالقواعد التي تحكمها، بل يتشرًبها كل جيل من الجيل السابق عليه تشرَُباً، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة تُجْمَع فيها اللغة وتُسْتَخْلَص قواعدها من كلام أهلها، فما قالوه يكون هو الصواب، وما لم يقولوه لا يكون مقبولاً.