حرفيا عن أمم لا صلة لنا بها، من دين أو عادة أو عرف، فدخلت لتشوه عقائدنا وتمسخ من عاداتنا، وتلبسنا قشوراً زائفة تسمى المدنية!!.
ثم جاءت النهضة العلمية الإسلامية الحاضرة، وقد نفخ في روحها رجال كانوا نبراس عصرهم، وفي مقدمتهم جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا. ووضع أصولها عمليا، وأرسى قواعدها، ووثق بنيانها: والدي محمد شاكر، رضي الله عنهم جميعاً. فاستيقظت العقول، وثارت النفوس على التقليد، ونبغ في العلماء من يذهب إلى وجوب الاجتهاد، وقد يكون اجتهاداً مبتسراً، وقد يكون اجتهاداً فيه خطأ كثير، ولكنه خير من الجمود، وأجدى إن شاء الله على الأمة والدين.
أيها السادة!
إننا جميعاً مسلمون، نحرص على ديننا، ونزعم أننا لا نبغي به بدلاً، ولكننا نخطئ فهم الدين، ونظن أنه لا يتجاوز ما يقام فينا من شعائر العبادة، وما يهتف به الوعاظ والخطباء من الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ويخيل إلى كثير منا أنه لا شأن للدين بالمعاملات المدنية، والحقوق الاجتماعية، والعقوبات والتعزير، ولا صلة له بشؤون الحرب، ولا بالسياسة الداخلية والخارجية. كلا، إن الإسلام ليس على ما يظنون. الإسلام دين وسياسة، وتشريع وحكم وسلطان. وهو لا يرضى من متبعيه إلا أن يأخذوه كله، ويخضعوا لجميع أحكامه، فمن أبى من الرضا ببعض أحكامه فقد أباه كله.