للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقواعد، ويرون أنهم أهل العلم والمعرفة والتقدم. وكثير منهم يسرف في العصبية لها، والإنكار لما خالفها من شريعته الإسلامية، حتى ما كان منصوصاً محكما قطعيا في القرآن، وحتى بديهيات الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة. ويزدري الفريق الآخر ويستضعفهم، واخترعوا له اسما اقتبسوه مما رأوا أو سمعوا في أوربة المسيحية، فسموهم (رجال الدين) وليس في الإسلام شيء يسمى (رجال الدين) بل كل مسلم يجب عليه أن يكون رجل الدين والدنيا. ثم عزلوهم عن كل أعمال الحياة وأعمال الدولة، واحتكروا لأنفسهم مناصبها، زعماً منهم أن (رجال الدين) لا يصلحون لشيء من أعمال الدنيا، أيا كان مبلغهم من العلم والثقافة والمعرفة، وحصروا الألوف من العلماء المثقفين فيما سموه المناصب الدينية، حتى لا متنفس لهم، فإن ضجوا أو تذمروا حجوهم بأنهم رجال الدين، زعموهم رهباناً، ولا رهبانية في الإسلام.

وابتدعوا شيئاً لم يستطيعوا إلى الآن أن يحدوه حداً علمياً صحيحاً، فسموه (الأحوال الشخصية) وقصروا عليها القضاء الإسلامي، وسموه القضاء الشرعي. ثم وضعوه في الدولة غير موضعه، وذهبوا ينتقصون من أطرافه، ويحدون من سلطانه، وظنوا أن لفظة (الشرع) قاصرة على الأمور الداخلة في اختصاص المحاكم الشرعية، وأن ما عداها خارج عن الشرع، ثم ذهب بهم الوهم إلى أن هذه الكلمة تطلق على هذا النوع المعين من الاختصاص، سواء أكان للشريعة الإسلامية أم لغيرها! حتى لقد رأيت في بعض التعبير الرسمي كلمة "شرعاً" في أمور خاصة بالمجالس المِلّيّة، مع أن

<<  <   >  >>