البديهي الذي لا ينبغي لمسلم أن يجهله: أن "الشرع" في ألفاظ المسلمين وعرف بلاد الإسلام لا يكون إلا الشرع الإسلامي. وما ضربت هذا المثل إلا لأريكم أثر التشبع بهذه القوانين في النفوس والعقول.
أيها السادة!
إن القوانين إذا حكمت بها أمة السنين الطوال تغلغلت في القلوب، ونكتت فيها آثاراً سوداء أو بيضاء، وصبغت بها الروح، ومرنت عليها النفس. وهذه القوانين الأجنبية أثرت أسوأ الأثر في نفوس الأمة، وصبغتها صبغة إلحادية مادية بحتة، كالتي ترتكس فيها أوربة، ونزعت من القلوب خشية الله والخوف منه. وكان التشريع الإسلامي يدخل القلوب ويرققها ويطهرها من الدنايا. فكان المسلم إذا حكم الحاكم أو قضى القاضي، علم أن دينه يأمره في دخيلة نفسه أن يسمع ويطيع، وأنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله يوم القيامة، قبل أن يكون مسؤولا عند الناس. وعلم أنه إن عصى ما قضى به قاضيه، كان عاصيا لربه، حتى لو أيقن أن القاضي مخطئ في قضائه، وكان المقضي له مأموراً من قبل دينه أن لا يأخذ ما قضي له به إن كان يعلم أنه غير حقه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار".
هذه تربية الشريعة للأمة. فانظروا تربية القوانين المادية الأجنبية، لم