دولة في الدولة، يعبثون كما يشاؤون، ويفتنون الناس عن دينهم، ويدعون أن لهم حقوقاً خاصة ليست لعامة الأمة، وأن لهم أن يتقاضوا إلى قضاء غير قضائه، أو يتحاكموا إلى شريعة غير شريعته. كلا، ما كان الإسلام ليرضى بشيء من هذا، لأنه لم يأت للمسلمين بالذل والهوان، وإنما جاءهم بالعز والمنعة، وأمرهم ألا يرضوا إلا أن تكون كلمة الله هي العليا. فمن دخل في الدين قبله، ومن خرج منه قتله، لأن الردة عن الإسلام شر أنواع الخيانة العظمى.
الإسلام لا يرضى أن يكون في بلاده حكم غير حكمه، ولا يعرف امتيازاً لآجنبي على رعيته، ولا لذي دين غيره في دولته، بل من شاء من غير أهله أن يكون في بلاده، منحه حمايته، ولم يعرض لعقيدته، على أن يكون خاضعاً لحكمه وقانونه في كل أمره.
أيها السادة!
كان من أثر مبادئ التشريع الحديث أن تعجز الأمة عن تربية ناشئتها على قواعد الإسلام، وأن تحاول جعل تعليم الدين إجباريا في مدارسها فلا تصل إليه، وأن توجد في البلد مدارس تربي أبناء المسلمين وتعلمهم غير دينهم، وغير لغتهم، فتسلخهم من الأمة، ثم يكونون حرباً عليها في عقائدها وآدابها. وأن يكون ذلك عن رضى المستضعفين من آبائهم؛ وأن يأبى مديرو هذه المدارس أن يسمعوا لأمر وزارة المعارف، إذ أمرتهم بتعليم الإسلام لأبناء المسلمين، بما يشعرون في أنفسهم من كبر وغرور، وبما