يتوهمون فينا من ضعف ولين، وبما يظنون من حمايتهم بمبادئ التشريع الحديث.
إن فرنسة، هي حامية النصرانية في الشرق، وداعية الإلحاد في الغرب، والتي قامت ثورتها الكبرى على عداء الدين، حين رأى رجلها العظيم، المارشال بيتان، عواقب ما جنى الانحلال على أمته، لم يتردد في جعل تعليم الدين إجبارياً في كل المدارس، ولم يفكر في مبادئ التشريع الحديث.
وكان من أثر التربية المدنية المادية، والغلو في تقليد أوربة وترسم خطاها، أن ظن ضعاف الإيمان أن التعليم الجامعي لا يكون صحيحاً إلا بمحاربة الدين، أو بالانسلاخ من الدين. فذهب الذين تولوا كبره منهم يذيعون هذا النغم، ويضربون على هذا الوتر، يستهوون العقول الناشئة، ويستميلون القلوب الغضة. يريدون أن يخدعوا الشباب، والشباب سياج الأمة والدين.
هذا أقرب مثل لما أقول: نشرت جريدة البلاغ قريباً (٩ مارس سنة ١٩٤١م) أن اللجنة التي ألفت في وزارة المعارف للعمل على ضم دار العلوم إلى الجامعة، لا تزال أمامها مسائل تحتاج إلى البحث والتمحيص، قبل استقرار الرأي، وأن منها "مسألة الثقافة الإسلامية، وهل تجتمع مواد الدراسة في الدار على إحياء هذه الثقافة والتخصص فيها من جميع وجوهها؟ أم تفتح في المناهج ثغرة للمباحث الحرة، إلى أن تتخلص دار العلوم من لونها القديم، وتصبح جامعية في مناهجها وفكرتها"؟!