وتقرؤون من أخبارها في كل يوم، وترون السجون قد ملئت بأكابر المجرمين العائدين، وبتلاميذهم المبتدئين الناشئين، ثم كلما زادوهم سجناً زادوا طغياناً. ولو أنهم أقاموا ما أنزل إليهم من ربهم، وحدوا السارق بما حكم الله به عليه، لكنتم تتشوفون إلى أن تسمعوا خبراً واحداً عن سرقة، ثم لو وقع كان فاكهة يتندر الناس بها، ذلك أن عقوبة الله حاسمة، لا يحاول اللص معها أن يختبر ذكاءه وفنه.
نعم، أنا أعرف أن كثيراً منا يرون أن قطع يد السارق لا يناسب مبادئ التشريع الحديث! ولكن المسلم الصادق الإيمان لا يستطيع إلا أن يقول: ألا سحقاً لهذا التشريع الحديث!.
أفندع الألوف من المجرمين، يروعون الآمنين، لا يرهبون قويا، ولا يرحمون ضعيفاً، في سبيل حماية يد أو يدين تقطعان في كل عام، وقد يكون ذلك في كل بضعة أعوام؟! وأنتم ترون أنه قد تزهق عشرات من النفوس لاختلاف على مبدأ سياسي، أو لمظاهرة قد لا تضر ولا تنفع، بحجة المحافظة على الأمن والنظام.
لا تظنوا أنكم ستقطعون من السارقين بقدر ما تسجنون. فهاكم الأمن في الحجاز وبادية العرب، وقد كان مجرموهم قساة لا يحصيهم العد، وعجزت الحكومات السابقة عن تأديبهم بمثل قوانينكم، فما هو إلا أن جاءت الدولة الحاضرة، واتبعت شرع الله وأقامت حدوده، حتى استتب الأمن، ثم لا تكاد تجد سارقاً هناك، إلا أن يكون من الغرباء في موسم الحج.