كيف نسترد استقلالنا السياسي أو أكثره، فسنعرف الآن كيف نسترد استقلالنا التشريعي والعقلي كله، وسنعيد للإسلام مجده، إن شاء الله.
لست رجلا خياليا، ولست داعياً إلى ثورة جامحة على القوانين، وأنا أعتقد أن ضرر العنف الآن أكثر من نفعه. إنما قمت فيكم أدعوكم إلى العمل الهادئ المنتج، بسنة التدرج الطبيعي، حتى نصل إلى ما نريد، من جعل قوانيننا من شريعتنا، وأنا أعرف أن هذا لا يوصل إليه في يوم ولا يومين، ولا في عام ولا عامين.
وأريد أولا أن أقول كلمة ترفع شبهة عن دعوتنا، فإني عرفت بين إخواني ومعارفي بالدفاع عن العلماء عامة، وعن القضاء الشرعي خاصة، فقد يبدو لبعض الناس أن يؤول دعوتي إلى نحو من هذا المقصد.
كلا، فإن الأمر أخطر من ذلك، مقصدنا أسمى من أن نجعله تنازعاً بين طائفتين، أو تناجراً بين فريقين. إنما نريد رفع ما ضرب على المسلمين من ذل، وما لقيت شريعتهم من إهانة، بوضع هذه القوانين الأجنبية.
إنما ندعوكم بدعوة الله، ندعوا الأمة أن تعود إلى حظيرة الإسلام، ندعو إلى وحدة القضاء، وإلى التشريع بما حكم الله. (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١).