للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصفاء، وإزالة ما غشّى وجهه من أكدار تراكمت عليه بمر العصور، وتعريضه للضوء والنور: نور أوربة، حتى يُعجب الخواجات! زعموا أنهم لا يرمون إلا إلى السفور: سفور الوجه فقط، لا سفور الصدور، ولا سفور النهود والظهور، ولا سفور شيء مما وراء ذلك، مما يراه الناس عياناً في كل حفل وناد، بل يرون بعضه أو كثيراً منه في المدارس والمعاهد، بل يرون شيئاً منه في المساجد والمعابد.

ثم جاءت هذه البُنَيَّة المدعية، فكشفت الستار كله عن مقاصد هؤلاء الدعاة، الذين كانوا يجمجون ولا يكادون يصرحون بالأصل الذي إليه يقصدون، وإن كانوا ليفعلون ويفعل من وراءهم، من المبشرين وأتباع المبشرين وأبناء المبشرين. ومن وراء أولئك المستعمرون المستترون والظاهرون: الذين يريدون استعباد المسلمين الأعزة، وهم يعلمون أنهم لا يصلون إلى ذلك إلا أن يقلبوهم أذلة بانتزاع هذا الإسلام، الذي أعزهم الله به من قلوبهم حتى يصيروا أذلة. والذين مهما ينسوا فلا ينسوا ثأر "لويس التاسع" الذي أسره المسلمون في مدينة "المنصورة"، وحبسوه في "دار لقمان"، ولا ينسوا ثأر هزائمهم المتوالية في الحروب الصليبية في مصر والشام، وطردهم من "بيت المقدس"، إلى آخر ما يعرف الناس عامة إجمالاً أو تفصيلاً.

هذه المدعية صرحت بما يريدون، بأوضح عبارة تكشف عن مقاصدهم وأقساها، ووضعت الأمر كله بين يدي هيئة قضائية من أكبر هيئاتهم، إن لم تكن أكبرها وأعلاها فقد كانوا من قبل يعملون على هينة وفي لين، وإذا تحدثوا عن ذلك تحدثوا بحكمة وتحوط حتى لا يثور عليهم

<<  <   >  >>