المسلمون غيرة على دينهم! فإذا ما تحدث منهم متحدث، ألان القول ومهّد له، حتى لا يكاد القارئ المتوسط يشعر بما وراء ذلك من خطر على الدين وتدمير.
ولا أكاد أذكر قولاً صريحاً لواحد منهم، إلا كلمة رقيقة لينة، تنساب على الهوينى انسياب الأفعى، لرجل من كبار رجالهم ممن له مظهر إسلامي، أو ممن كان له مظهر إسلامي على الصحيح، قال في كلمة نشرت في صحيفة إسلامية!! واسعة الانتشار، في أواسط سنة ١٣٦٨ هـ (أوائل سنة ١٩٤٩م) قال فيها مما قال: "ولا يخفى أننا في مصر نجري -في حكمة واعتدال!! على فصل الدين عن أمور الحكم وخلافات السياسة"!!.
ولست أدعي أن هذه الكلمة هي أصرح ما قالوا من هذا اللون من القول، ولا أنهم لم يقولوا مثلها مراراَ، فإن مقدرتي على الاطلاع وعلى القراءة محدودة. ولكني أستطيع أن أجزم بأني لم أقرأ، أو على الأقل لا أذكر أني قرأت مثلها في التصريح بما ينوون ويعتزمون. وإن كنت واثقاً منذ عقلت الدين، وفقهت الأوضاع السارية في بلدنا، أن هذا هو المرمى والمآل من قبل أن نولد، بل من قبل أن يولد آباؤنا.
ثم جاءت هذه الدعوى، تضع الأمر كله على المنصة بين يدي القضاء، تعرض الموضوع من أوله:"هل تقوم في مصر حكومة دينية؟ وهل الحكومة القائمة تطبق المبادئ الشرعية حقاً وصدقاً؟ أو هل يعيش المصريون في مجتمع شرعي تطبق فيه أحكام الدين الحنيف؟ ".