وهذه أسئلة في الصميم، لا تستطيع المدعية ولا محاميها، بل لا يستطيع من هو أكبر منهما وأعلم، من رجال القانون وغيرهم، أن يجيبوا إلا بالسلب. بل أنا لا أستطيع أن أجيب إلا بالسلب! فليس في مصر حكومة دينية، والحكومة القائمة -أعني نظم الدولة- لا تطبق المبادئ الشرعية حقاً وصدقاً، بل لا تطبقها كذباً وزوراً! بل أقول أكثر من هذا: إن النص في الدستور على أن دين الدولة الإسلام لا يمثّل حقيقة واقعة، إنما هو خيال ووهم، كبعض ما اقتبسنا من سخافات أوربة في الخيال والتمثيل. والمصريون لا يعيشون في مجتمع شرعي تطبق فيه أحكام الدين الحنيف.
ذلك بأن المبشرين والمستعمرين وأتباعهم وأنصارهم ربّوا فينا أجيالاً متتابعة، يُنزع الدين منها تدريجاً، وتُقلب حقائقه في النفوس والعقول وعلى مبادئ الثورة الفرنسية وغيرها من مبادئ الهدم والإلحاد، حتى لقد وضعوا على ألسنة العلماء أنفسهم أنهم "رجال الدين"، يضاهئون بذلك "رجال الدين" هناك، ليمكن يوماً ما أن يقال ما قالته هذه المدعية:"فإذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة بالسلب، حق على وزارة العدل أن تتورع عن الزج بالدين في الأمور الاجتماعية البحتة"!! وليمكنها أن تقول أيضاً: "وقد أخطأت وزارة العدل السبيل حين توجهت إلى رجال الدين تستفتيهم في مسألة اجتماعية لا تتعلق بالدين في كثير أو قليل"!! بل ليمكنها أن تدعي أن مثل هذا يكون سبباً لأن "تتخلف عن السير في ركب الحضارة"!!.
فالمدعية ومحاميها، وأمثالهما، وكبراؤهم وزعماؤهم، يرون ما تراه