للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوربة، أو ترون ما فهموا أنه رأي أوربة، بل يغلون في ذلك أكثر من غلو سادتهم، فيزعمون أن دخول الدين في الحكم وفي المسائل الاجتماعية تخلف عن ركب الحضارة!! فيجهلون بديهيات الإسلام ومزايا دينهم القويم، ويرون أنهم إذا تمسكوا به وخضعوا لأحكامه تخلفوا عن ركب الحضارة! فلا يكون هناك خمر ولا رقص، ولا سفور ولا فجور، ولا اختلاط الشبان والشابات في المدارس والجامعات، والقهاوي والندوات، والصيد والقنص، والخلوات في الصحاري والسيارات! فإذا فقدوا هذا وأمثاله، فماذا بقى لهم من مقومات الحضارة؟!.

وأعجب من ذلك وأغرب: أن المدعية بلسان محاميها، تسُبّ دينها هذا السب المقذع، ثم تصفه بأنه "الحنيف"! ولم تكن بها حاجة إلى هذا التكلف والتناقض، وكان أقرب إلى منطق كلامها أن تصفه بوصف يناسب ديناً يتخلف المستمسك به عن ركب الحضارة!!.

ثم كان من المغالطات الكبرى أنهم -بما أُودع في نفوسهم من معارف ملتوية، وبما أشْرِبَتْه قلوبهم من فقه لدين أوربة ووثنيتها وثورتها، بل وحضارتها-: أنهم فهموا الإسلام على غير وجهه، وظنّوه دين عقيدة وعبادة فقط، بل ليتهم أخذوا به على المعنى الذي فهموا، وإن كان خطأ أو نقصاً، إذن لسار بهم الدين "الإسلامي الحنيف" في سبيل الحق والهدى، حتى يعرفهم بما استمسكوا به من عقيدة وعبادة -لو كانتا- بأنه ليس كما رأوا عند أوربة ودرسوا، ولعرّفهم أنه "دين ودولة، وحكم وسياسة، وقضاء وولاية". وإذن لعرفوا معنى ما نقلناه عن الحافظ ابن كثير في

<<  <   >  >>