التطبيق أم أخطأت، فكل إنسان عرضة للخطأ. وهذا الرجل العظيم لم يسبق لي التعرف إليه حتى أحكم في شأنه حكماً صحيحاً، ولكني أظن أنه أعلم بدينه وبقوانين أوربا من المدعية وأمثالها وها هو ذا يخطئ في مثل هذه الدقائق -إذا صح ما نقلته عنه المجلة فيعقد فرقاً بين "الدولة الإسلامية" و"الدولة الدينية" وهو فرق باطل، كأنه فرق اصطلاحي فقط. فإن كل مسلم يعرف أن "الإسلام دين"، بل يعتقد المسلمون بنص ما أنزل الله عليهم في كتابه أن الدين عند الله الإسلام. ويظن سعادته -تقليداً لاصطلاح إفرنجي- أن في الإسلام شيئاً يسمى "رجال الدين"!!
ولطالما حاولت نقض هذه الأسطورة، أسطورة وجود شيء في الإسلام يُدعى "رجال الدين"!! من ذلك ما قلته في محاضرة أعددتها لألقيها يوم ٦ ربيع الأول سنة ١٣٦٠هـ (٣ أبريل سنة ١٩٤١م) ومنعني من إلقائها الوزير القائم على الأحكام العرفية الإنجليزية إذ ذاك، وهو حسين سرّى باشا رئيس الوزراء. وكان مما قلت فيها عن آثار القوانين الإفرنجية في نفوس متعلميها:
"كان لها أثر بين بارز في التعليم، فقسمت المتعلمين المثقفين منا قسمين، أو جعلتهم معسكرين: فالذين عُلِّموا تعليماً مدنياً، وربوا تربية أجنبية، يعظمون هذه القوانين وينتصرون لها ولما وضعت من نظم ومبادئ وقواعد، يرون أنهم أهل العلم والمعرفة والتقدم وكثير منهم يسرف في العصبية لها، والإنكار لما خالفها من شريعته الإسلامية، حتى ما كان منصوصاً محكماً قطعياً في القرآن، وحتى بديهيات الإسلام المعلومة من