للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدين بالضرورة. ويزدري الفريقَ الآخر ويستضعفهم، واخترعوا له اسماً اقتبسوه مما رأوا أو سمعوا في أوربة المسيحية، فسموهم (رجال الدين). وليس في الإسلام شيء يسمى (رجال الدين). بل كل مسلم يجب عليه أن يكون رجل الدين والدنيا". (١)

ولقد أخطأ هذا الرجل الكبير "رئيس الجمعية التأسيسية بالباكستان" خطأ آخر -إن صدق ما نقلته عنه تلك المجلة أخطأ في ظنه أن الدولة الدينية هي التي يتولى الحكم فيها رجال الدين!! فما أظن أن أحداً يقصد إلى هذا أو يرمي إليه، حتى ممن يسمونهم غلطاً (رجال الدين). لأن غاية كل مسلم يفقه الإسلام ويعرف حدوده وحقائقه، أن يحكم المسلمون بتشريعهم، بل أن يجاهدوا في سبيل الله حتى يحكموا به العالم كله إذا استطاعوا. وأن يعملوا على نشره في الأمم الإسلامية أولاً على حقيقته النّيرة النقية، وأن يتعلمه الذين يملكون السيطرة على شؤون الدولة في بلاد الإسلام، والذين يلُون فيهم الأحكام. فإذا ما كان ذلك كانوا أيضا (رجال الدين) أياً كان لونهم من أنواع العلوم الأخر، حتى هذه القوانين الآثمة التي ضُربت على المسلمين لإذلالهم ومحو دينهم في عقر دارهم فإن المعرفة بها إذ ذاك لا تضر. بل لعلها قد تنفع في الموازنة بين التشريع المبني على الوحي


(١) هذه المحاضرة الممنوعة نشرناها في مجلة الهدى النبوي (في العدد ٦ من المجلد: ٥) ثم نشرتها مع بحث آخر في كتاب (الشرع واللغة) المطبوع بدار المعارف بمصر، والفقرة التي هنا في (ص٧١) منه.
(ثم أعادت طباعة الكتاب في صورته الأخيرة: دار الكتب السلفية بالقاهرة -في سنة ١٤٠٦هـ).

<<  <   >  >>