بمعاودة النظر وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ جائز عرفا تقول فلان يعلم النحو ولا تريد أن جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل بل إنه متهيء لذلك هذا معنى الفقه. (تنكيت) الذى فى أصل النظم واستيعاب مسح الأذنين وهو شامل للصماخين كما قال الناظم فيدخله الخلاف وهو كذلك لكن فيه نظر لما ذكرناه عن شارح الجلاب من الاتفاق على سنية مسح الصماخين هذا وقد عد فى أصل النظم من المتفق عليه مسح الأذنين ثم ذكر هنا أن المختلف فيه استيعاب مسحهما فجعلهما فى الأصل مسئلتين والله أعلم (تكميل) اختلف فى ظاهرهما وباطنهما فقيل ظاهرهما مما يلى الرأس وباطنهما مما يلي الوجه وقيل ظاهرهما ما يواجه قال في الذخيرة ابتدأ خلقتهما منغلقتين كزر الورد فإذا كمل خلقهما انفتحا على الرأس فالظاهر للحس الآن كان باطنا أولا والباطن كان ظاهرا فهل يعتبر حال الابتداء عملا بالاستصحاب أوحال الانتهاء لأنه الواقع حال ورود الخطاب وصفة مسحهما أن يجعل باطن الإبهامين على ظاهر الشحمتين ويمرهما للآخر وآخر السبابتين فى الصماخين ووسطهما ملاقيا للباطن دائرين مع الإبهامين قال ابن شاس وأما أصوله فهى دلائله الإجمالية أي غير المعينة كمطلق الأمر والنهى وفعل النبى والإجماع والقياس والاستصحاب المبحوث عن أولها بأنه للوجوب حقيقة والثانى بأنه للمحرمة كذلك والبواقى بأنها حجج وغير ذلك مما ذكر فى الفن وأما الدلائل التفصيلية نحو (أقيموا الصلاة)(ولا تقربوا الزنا) وصلاته في الكعبة كما أخرجه الشيخان والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب حيث لا عاصب لهما وقياس «الأرز على البر فى امتناع بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد» كما رواه مسلم واستصحاب الطهارة لمن شك فى بقائها فليست بأصول الفقه وإنما يذكر بعضها فى كتبه للتمثيل وقد ظهر مما مر أن الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية كالعلم بوجوب النية فى الصلاة وأن الوتر مستحب ونحو ذلك المستدعي لمعرفة حقائق تلك الأحكام ووجه ذكر ما ذكره الناظم فى هذه الترجمة فى فن أصول الفقه
الُحْكْمُ فِى الشَّرْعِ خِطابُ رَبِّنا
المُقْتَضِي فِعْلَ الْمُكلَّفِ افْطُنا
بِطَلَبٍ أَوْإِذْنٍ أَوْبِوَضْعِ
لِسَببٍ أَوْشَرْطٍ أَوْذِي مَنْعِ
أخبر أن الحكم الشرعي المستند إلى الشرع وهو الذي لا يعلم إلا منه ولا يتوصل إليه بعقل ولا بعادة هو خطاب الله تعالى المقتضى أى المتعلق بفعل المكلف يريد من حيث أنه مكلف ثم تعلق الخطاب بفعل المكلف إما أن يكون بطلب أى يطلب فيه طلبا وإما أن يكون بإذن أى فى الفعل والترك بأن يبيحه وإما أن يكون بوضع بأن يضع أى بنصب أمارة أى على الطلب أوعلى الإذن وتلك الأمارة إما سبب أوشرط أومانع ثم اعلم أن الطلب إما يكون طلب الفعل أوطلب الكف عن الفعل وكل منهما إما أن يكون طلبا جازما أوغير جازم فجاءت الأقسام أربعة فطلب الخطاب الفعل من المكلف طلبا جازما بحيث لا يجوز له تركه كالإيمان بالله ورسله وكقواعد الإسلام الخمس هو الإيجاب وطلبه منه الفعل طلبا غير جازم بأن يجوز تركه كصلاة الفجر ونحوها هو الندب وطلب منه الكف عن الفعل طلبا جازما بحيث لم يجوز فعله كشرب الخمر والزنا ونحوهما هو التحريم وطلبه منه الكف عن الفعل طلبا غير جازم بأن يجوز له فعله كالقراءة فى الركوع والسجود مثلا هو الكراهة فبضم أقسام الطلب هذه إلى الإذن الذي هو إباحة الفعل والترك من غير ترجيح لأحدهما عن الآخر كالبيع ونحوه تكمل أقسام الحكم الشرعى الخمسة ويسمى هذا القسم خطاب التكليف وتعلق الخطاب