لما فرع الناظم رحمه الله في مسائل الاعتقاد المتعلقة بالقاعدة الأولى من قواعد الاسلام وهي الشهادتان شرع الآن فيما يتعلق بالقاعدة الثانية وهي الصلاة من بيان صفة الماء الذي تحصل به الطهارة بقسميها أعني طهارة الحدث والخبث لأنها شرط في الصلاة والشرط متقدم على المشروط وهي إنما تكون بالماء غالبا فاحتيج إلى معرفتها قبلها إذ هو كالآلة لها وتقسم طهارة الحدث إلى صغرى وكبرى وذكر نواقضهما وفرائضهما وسنتهما ومستحباتهما وموانعهما وبعض المكروهات وما ينوب عن الطهارة المائية عند تعذرها وهو التيمم وما يتعلق به من فرائض وسنن ومستحبات وما يتعلق بذلك قال الإمام أبو عبد الله محمد بن مرزوقفي أول شرحه على مختصر الشيخ خليل ما نصه ببعض اختصار اختلفت مقاصد الفقهاء والمحدثين فيما يبتدئون به كتبهم اختلاف أغراضهم فيما قصدوا تبينه من أحكام الشريعة المتعلقة بأعمال القلوب وهي الاعتقادات المسماة بأصول الدين وأعمال الجوارح والظاهرة المسماة بالفروع فابتدأ البخاري ببيان بدء الوجه لقصد بيان أصول الشريعة وما ذكره من كتاب الايمان وغيره مبني عليه وقريب من مسلك البخاري مسلك ابن ماجه في ابتدائه بالتحريض على اتباع السنة لأنه أصل لما ذكر بعده من كتاب الايمان وغيره وابتدأ مسلم بكتاب الايمان لأنه رأى الشريعة تقررت وإنما يحتاج إلى بيان أحكامها الأصولية والفرعية وهو الذي قصد الشيخ أبو محمد في ابتداء رسالته بالكلام في العقائد قلت وصنيع الناظم مثل صنيع الشيخ أبي محمد قال ابن مرزوق ومن لم يبتدىء ببيان العقائد من الفقهاء والمحدثين رأى أن الكلام إنما هو في فروع الدين وذلك إنما يكون بعد تقرر العقائد الذي هو الواجب الأول على اختلاف بين العلماء في أول ذلك الواجب ما هو وهو فن مستقل بنفسه وكل هؤلاء أو جلهم ابتدأوا بالكلام في أول أركان الفروع التي بني عليها الاسلام وهو الصلاة المذكورة في الحديث بعد ركن الأصل الأول وهو الشهادتان تبركا بالحديث ولأن الصلاة من الدين كالرأس من الجسد ولقول عمر رضي الله عنه من حفظها وحافظ عليها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ثم لا يتحدثون بعدها في الغالب إلا في بقية الأركان المذكورة في الحديث إلا أن مقاصدهم اختلفت هنا أيضاً فمن ابتدأ بالكلام في الطهارة وهم الأكثرون رأى أنه مفتاح الصلاة الذي به تدخل والكلام في الشرط متقدم على المشروط ومن ابتدأ في الكلام في أوقات الصلاة كفعل الامام في الموطأ رأى أن الخطاب بالطهارة وغيرها إنما يكون