ذكر الناظم فى هذه الترجمة الحكم الشرعى وأقسامه وأفاد أن هذه المقدمة مأخوذة من الأصول أي من أصول الفقه وأنها معينة أي يستعان بمعرفتها في فروع الأصول التى تذكر بعد هذه الترجمة على الوصول إلى معرفة حقيقة حكم تلك الفروع الآتية فإذا خاض فيها وقيل له هذا واجب مثلا أومندوب علم من هذه الترجمة حقيقة الواجب المندوب وأن الأول ما طلب طلبا جازما والثانى ما طلب غير جازم وهكذا فى المحرم والمباح وكفى بذلك إعانة هذا مقصوده والله أعلم فقوله مقدمة خبر مبتدأ محذوف أي هذه مقدمة ومن الأصول صفة لمقدمة فيتعلق بمحذوف أى مأخوذه أي منقوله ومن الأصول على حذف مضاف أي من فن الأصول ومعينة وصف ثان لمقدمة وبه يتعلق المجروران بعده وتقدم ضبط لفظ مقدمة كتاب الاعتقاد وأصول الفقه لفظ مؤلف من جزأين مفردين أحدهما أصول والآخر الفقه فالأصل ما يبنى عليه غيره كأصل الجدار أي أساسه وأصل الشجرة أي طرفها الثابت في الأرض والفرع ما يبنى على غيره كفروع الشجرة لأصولها وفروع الفقه لأصوله. والفقه معناه لغة الفهم وشرعا معرفة الأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد كالعلم بأن النية فى الوضوء واجبة وأن الوتر مندوب وأن تبييت النية شرط فى الصوم وأن الزكاة واجبة فى مال الصبي وغير واجبة فى الحلى المباح وأن القتل بمثقل موجب القصاص ونحو ذلك من مسائل الخلاف بخلاف ماليس الاجتهاد كالعلم بأن الصلوات الخمس فريضة وأن الزنا محرم كالأحكام الاعتقادية كالعلم بالله سبحانه وصفاته ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى معرفة ذلك فقها لأن معرفة ذلك يشترك فيها الخاص والعام فالفقه بهذا التعريف لا يتناول إلا علم المجتهد ولا يضر فى ذلك عدم اختصاص التحبيس على الفقهاء بالمجتهدين فقط لأن المرجع فى ذلك للعرف وهذا اصطلاح خاص والمراد بالمعرفة هنا العلم بالمعرفة بمعنى الظن وأطلعت المعرفة التى هى بمعنى العلم على الظن لأن المراد بذلك ظن المجتهد الذى لقوته قريب من العلم وخرج بقولهم الأحكام الشرعية الأحكام العقلية كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين والحسية كالعلم بأن النار محرقة والمراد بالاحكام في قولهم الأحكام الشرعية جميع الأحكام فالألف واللام للاستغراق والمراد بمعرفة جميع الاحكام التهيؤ لذلك فلا ينافى ذلك قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وهو من أعظم الفقهاء المجتهدين فى اثنين وثلاثين مسئلة من ثمان وأربعين مسئلة سئل عنها لا أدري لأنه متهيء للعلم بأحكامها