للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاس بأن ابن رشد وغيره إنما حكوه مطلقا ولم يقيدوه بالفرض ولا بالسنية وقد بقيت فروع كثيرة من باب صلاة السفر رأينا تتبعها يخرج عن المقصود (استطراد) ومما ينسب للقاضي أبي محمد عبد الوهاب في مدح السفر

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففى الأسفار خمس فوائد

تفرج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد

فان قيل فى الأسفار هم وغربة

وقطع فياف وارتكاب شدائد

فموت الفتى خير من مقامه

بأرض عدو بين واش وحاسد

ونسب للقاضى أبى الفضل عياض رحمه الله تعالى فى ذم السفر مانصه:

تقاعد عن الأسفار إن كنت طالبا

نجاة ففى الأسفار سبع عوائق

تشوق إخوان وفقد أحبة

وأعظمها ياصاح سكنى الفنادق

وكثرة إيحاش وقلة مؤنس

وتبديد أموال وخيفة سارق

فان قيل فى الأسفار كسب معيشة

وعلم وآداب وصحبة وافق

فقل كان ذا دهر تقادم عصره

وأعقبه دهر شديد المضايق

فهذا مقالى والسلام كما بدا

وجرب ففى التجريب علم الحقائق

قلت ومن أعظم مايزهد فى السفر ويرغب عنه مارأينا الناس أجمعوا عليه اليوم من ترك الصلاة فى الطريق إلا النادر جدا ومن سأل أهل الرفقة الصبر للصلاة لم يلتفت إليه وكأنه أتى بمنكر من القول وكذا معاشرة من اجتمعت فيه رذائل الخصال وهو الحمار وقد قلت تذييلا للبيت المعلوم وهو قول القائل

فما حن حجام ولا حاك فاضل

وما كان جرار كريم الفعائل

كذلك حمار ففيه تجمعت

قبائح هؤلاء وزد فى الرذائل

وأما عماد الدين وهى صلاتنا

فلا يلتفت سفر إليها لسائل

(تنبيه) مما يؤكد ذكره هنا ويناسب هذا المحل لكون السفر أحد أسبابه الجمع بين الصلاتين والجميع بينهما فى خمسة مواضع فى عرفات بين الظهر والعصر وإثر الزوال وفى المزدلفة بين المغرب والعشاء حين وصوله إليها وذلك بعد مغيب الشفق وفى

<<  <   >  >>