عَلَى الخُرُوجِ طُفْ كَمَا عَلمْتَ أخبر رحمه الله أن العمرة سنة أي مؤكدة مرة في العمر وهو كذلك على المشهور وأن الاحرام بها يستحب أن يكون من التنعيم أي لأنه أمر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يخرج بأخته عائشة رضي الله تعالى عنها اليه وتقدم عند تعرض الناظم لبيان مواقيت الحج المكانية بيان ميقاتي العمرة الزماني والمكاني وإن صفة الإحرام بها في استحباب الغسل والتنظيف وفيما يلبسه وما يحرم عليه من اللباس والطيب والصيد وغير ذلك وفي التلبية والطواف والرمل والركوع بعده والسعي بعده كالحج سواء بسواء ولذا قال (فافعلها كما حج) فما زائدة على حد فبما رحمة الله فإذا فرغ من السعي وحلق وقصر فقد حل منها وإلى ذلك أشار بقوله (وإثر سعيك احلقن أو قصرا تحل منها) ف «أو» في قوله أو قصرا للتخييروقدم الحلق لأنه أفضل ثم أفاد بقوله (والطواف كثرا) الخ أنه يستحب للآفاقي أن يكثر الطواف بالبيت ما دام بمكة لتعذر هذه العبادة العظيمة عليه بعد خروجه منها وأن يراعي حرمة مكة المشرفة لجانب البيت المعظم الكائن بها بتجنبه الرفث والفسوق والعصيان وبكثرة فعل الطاعات والخدمة لله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وملازمته الصلاة في الجماعة وغير ذلك من أفعال البر وإن كان ذلك مطلوبا في كل مكان وزمان ففي هذا المكان آكد لما تقرر أن المعصية تغلظ بالزمان والمكان باعتبار الإثم والأدب عليها وأن الطاعة تعظم ذلك أيضاً فيكثر ثوابها وأنه إن عزم على الخروج من مكة يستحب له أن يطوف طواف الوداع على الصفة التي علمتها مما تقدم من الابتداء بتقبيل الحجر وجعل البيت على اليسار إلى آخر ما ذكر من صفة الطواف
واعلم أن الأفعال المطلوبة في العمرة ثلاثة أقسام أركان لا تجبر وواجبات تجبر وسنن لا شيء في تركها
فأركانها ثلاثة الاحرام والطواف والسعي وأما الحلاق فليس بركن بل يجبر بالدم إذا تركه حتى رجع لبلده أو طال كما تقدم في موجبات الدم وواجباتها المنجبرة بالدم فهي كالحج فيما يتأتى فعله فيها من ذلك وذلك أربعة عشر على المشهور وأما السن والمستحبات فكالحج أيضا فيما يتأتى فعله فيها من ذلك وذلك نحو السنن قاله الحطاب في مناسكه وتفسد بالجماع وما في معناه إذا وقع قبل انقضاء أركانها ويكره تكرارها في العام الواحد على المشهور وأجاز ذلك مطرف وابن الماجشون وعلى المشهور فأول السنة المحرم فيجوز لمن اعتمر في آخر الحجة