للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالآثار والأكوان ظاهرة لهم موجودة لديهم والحق تعالى غيب عنهم فهم يستدلون بها عليه في حال ترقيتهم والمرادون المجذبون واجههم الحق بوجهة الاكرام وتقرب إليهم فعرفوه به فلما عرفوه على هذا الوجه انحجبت الأغيار عنهم فلم يروها فهم يستدلون به عليها ففي حال تذللهم فهذا حال الفريقين وبعيد ما بينهما وذلك أن المستدل به على غيره عرف الحق الذي هو الوجود الواجب لأهله وهو المختص بوصف القدم وأثبت الأمر المشار به إلى الآثار العدمية من وجود أصله المشار به إلى المؤثر المتحقق وجوده والمستدل بغيره عليه على عكس ما ذكرنا لأنه استدل بالمجهول على المعلوم وبالمعدوم على الموجود وبالأمر الخفي على الظاهر الجلي وذلك لوجود الحجاب ووقوفه مع الأسباب وعدم احتظائه بالوصول والاقتراب وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه بالأشياء الحاضرة ومتى بعد حتى تكون الآثار القريبة هي التي توصل إليه أو فقد حتى تكون الآثار الموجودة هي التي تدل عليه

عجبت لمن ينبغي عليك شهادة

وأنت الذي أشهدته كل مشهد

يَغُضُّ عَينَهُ عَنِ المحارِمِ

يَكُفُّ سَمْعَهُ عَنِ الْمَآَثِمِ

كَغِيبَةٍ نَمِيمةٍ زُورٍ كَذِبْ

لِسَانُهُ أَحْرَى بِتَرْكِ مَا جُلِبَ

يَحْفَظُ بَطْنَهُ مِنَ الحَرَامِ

يَتْرُكُ مَا شُبِّهَ بِاهتِمامِ

يَحْفَظُ فَرْجَهُ وَيتَّقِي الشَّهيدْ

في البَطْشِ والسَّعْي لِمَمْنوع يُريدْ

وَيُوقِفُ الأمُورَ حَتَّى يَعْلَمَاَ

ماَ الله فِيهِنْ بِهِ قَدْ حَكَمَا

[ش] يُطَّهِرُ الْقَلْبَ مِنَ الرِّياءِ

وَحَسَدٍ عُجْبٍ وكُلِّ داءٍ

قال الإمام سيدي عبد الرحمن الجزولي في شرح الرسالة: الدين شيئان امتثال الأوامر واجتناب النواهي واجتناب النواهي أشد على النفس من امتثال الأوامر لأن امتثال الأوامر يفعله كل أحد واجتناب النواهي لا يفعله إلا الصديقون وهذا كله لا يتوصل إليه إلا بالعلم قال الله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} والدليل على أن ترك النواهي أشد قوله صلى الله عليه وسلم لقوم قدموا من الغزو «رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس عن هواها» وروي

<<  <   >  >>