للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنه ليس عينه ولكن يتضمنه عقلاً، وذكر إمام الحرمين أن القاضي أبا بكر صار إليه في آخر مصنفاته، ونقله الشيخ أبو حامد عن أكثر أصحابنا، وفي نقل المصنف هذا المذهب عن القاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري نظر، فإنهما لا يثبتان الكلام النفسي أصلاً كغيرهما من المعتزلة، وإنما تكلما في الكلام اللساني كما سنوضحه، وأما الآمدي فإنه قال: إن جوزنا تكليف ما لا يطاق فليس عينه ولا يستلزمه وإن منعناه استلزمه.

الثالث: أنه ليس نهيا عن ضده، ولا يتضمنه، واختاره إمام الحرمين والغزالي وابن الحاجب، وقال إلكيا: إنه استقر عليه القاضي.

الرابع: التفصيل بين أمر الإيجاب فيتضمن النهي عن ضده، وأمر الندب ليس نهياً عن ضده، ولا يتضمنه فإن أضداده مباحة غير منهي عنها، وهو قول بعض المعتزلة.

أما المنكرون للكلام النفسي وهم المعتزلة فإن الأمر بالشيء ليس عين النهي عن ضده عندهم قطعاً فإن الأمر والنهي لهما صيغتان مختلفتان، ولم يتكلم الشيخ والقاضي إلا في النفسي، فهو موضع الخلاف، ثم اختلف المعتزلة في أن الأمر اللساني بشيء هل يتضمن النهي عن ضده أم لا؟

فذهب قدماؤهم إلى منعه، والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين وغيرهما إلى إثباته.

أما النهي عن الشيء فهل هو أمر بضده أم لا؟

فيه طريقان: أحدهما: أنه على الخلاف السابق في الأمر.

والثاني: أنه أمر بالضد قطعاً، وهي طريقة القاضي في التقريب، فإنه جزم بذلك/ (٦٩/ ب / م) بعد حكاية الخلاف في الأمر، ووجهه أن دلالة النهي على مقتضاه أقوى من دلالة الأمر على مقتضاه، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وضعف إمام الحرمين هذه الطريقة، وقال: يلزم منها القول بمذهب الكعبي في نفي المباح، فإنه قال: لا يقدر مباح إلا وهو ضد محظور فيكون

<<  <   >  >>