للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تنعقد، وإن قلنا إن الكراهة فيها للتنزيه، واستشكله شيخنا الإسنوي بأنه كيف يباح الإقدام على ما لا ينعقد وهو تلاعب ولا إشكال فيه، لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة فإن المكروه غير داخل في مطلق الأمر، وإلا يلزم كون الشيء مطلوباً منهياً ولا يصح إلا ما كان مطلوباً، والله أعلم.

تنبيه آخر:

إذا قلنا باقتضاء النهي الفساد فهل ذلك من جهة الشرع أو اللغة؟

فيه مذهبان: نقلهما القاضي أبو بكر في (التقريب) وابن السمعاني، ونقل عن طائفة من الحنفية أنه يقتضيه من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، لأن النهي يدل على قبح المنهي عنه، وهو مضاد للمشروعية، / (٥٨ ب / د) وقال إنه الأولى فلذلك نقل فيه المصنف ثلاثة مذاهب، وصحح الآمدي وابن الحاجب أنه يدل عليه شرعاً وجزم به البيضاوي.

ص: فإن كان لخارج كالوضوء بمغصوب لم يفد عند الأكثر، وقال أحمد: يفيد مطلقاً، ولفظه حقيقة وإن انتفى الفساد لدليل.

ش: تقدم أن النهي إنما يدل على الفساد إذا كان لأمر داخل في المنهي عنه أو خارج عنه لازم له، فأما إذا كان لأمر، خارج عنه غير لازم له فإنه لا يفيد الفساد عند الأكثرين، وقال أحمد بن حنبل: بل يفيده أيضاً، وذلك كالوضوء بماء مغصوب، فإن المنهي عنه لأمر خارج عنه ـ وهو الغصب ـ ينفك بالإذن من صاحبه أو الملك، ويترتب على قول الإمام أحمد باقتضاء النهي الفساد مطلقاً، أنه لو قام الدليل في نهي خاص على أنه ليس للفساد ولم يخرج النهي المذكور عن كونه باقياً على حقيقته.

- لم يصر مجازا، لأنه لم ينتقل عن جميع موجبه بل عن بعضه، فهو كالعموم الذي خص بعضه، فإنه حقيقة فيما بقي، ذكره ابن عقيل في الواضح.

<<  <   >  >>