للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ش: إذا ورد من الشرع نفي القبول عن عباداة، فهل يدل ذلك على صحتها أو فسادها؟ مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) وقوله: ((لا يقبل الله صلاة حائض)) أي: من بلغت سن الحيض ((إلا بخمار)) فيه قولان، حكاهما ابن عقيل من الحنابلة في كتابه في الأصول، فمن قال بالأول ـ وهو مراد المصنف بقوله: (وقيل: إن نفى عنه القبول) أي يفيد الصحة لقوله فيما قبله: يفيد الصحة ـ قال: إن القبول والصحة متغايران يظهر أثر الأول الثواب، والثاني في عدم القضاء، ومن قال بالثاني جعلهما متلازمين وهو مقتضى استدلال أصحابنا، وغيرهم بالحديثين المذكورين على اشتراط الطهارة وستر العورة في الصلاة، وحكى الشيخ تقي الدين/ (٧٣/ أ / م) في (شرح العمدة) في تفسير القبول قولين: أحدهما: أنه يرتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء، يقال: قبل عذر فلان إذا رتب عليه الغرض المطلوب، وهو عدم المؤاخذة، وعلى هذا فالصحة والقبول متلازمان.

والثاني: أن القبول كون العبادة بحيث يترتب الثواب عليها، وعلى هذا فهو أخص من الصحة، فكل مقبول صحيح، ولا ينعكس.

قلت: الذي ظهر لي في كون هذين الحديثين المذكورين نفى فيهما القبول وانتفت معه الصحة، وجاء في أحاديث أخر نفي القبول، فلم ينتف معه الصحة، كصلاة شارب الخمر، والعبد الآبق، وآتي العراف أنا ننظر فيما نفي فيه القبول، فإن قارنت ذلك الفعل معصية كالأحاديث الثلاثة المذكورة أجزأ، فانتفاء القبول (أي الثواب) لأن إثم المعصية أحبطه، وإن لم يقارنه معصية

<<  <   >  >>